حتى نكون خاوة خاوة، الشعار التاريخي الذي يجمع شعبي المغرب والجزائر وأن نعطي لكل ذي حق حقه في مسار جميع نضالات الشعبين ضد نير الاستعمار والدفاع عن استقلال البلدين، حيث كان للمغرب المبادرة والسبق بحكم استقلاله ودفاعه عن استقلال الجارة الجزائر في أعتى المنابر الدولية، ولعل أبرزها عندما وقف الراحل الملك محمد الخامس مخاطبا المنتظم الدولي بمقر الامم المتحدة سنة 1957، مدافعا عن حق الشعب الجزائري في تحقيق استقلاله من نير الاستعمار الفرنسي الذي تحقق بدعم من وطنيين مغاربة إلى جانب رفاقهم بالجزائر والتاريخ شاهد على ذلك كما أن أرض المغرب بجهتها الشرقية كانت ملجأ جل المقاومين الجزائريين، ولعل اللقاءات التاريخية بمدينة بركان ووجدة تسجل بمداد من ذهب أوج محطات التخطيط والتنفيذ الذي انطلقت منها.
كلها معطيات تبقى للتاريخ رغم الجحود منقطع النظير الذي نسجله في هذه المرحلة بالذات ومراحل سابقة من طرف عسكر تنكر للجميل، وأصبح يدافع عن دويلة وهمية لا توجد إلا في مخيلته ﻷزيد من أربعة عقود خدمة لمآرب تشتت وحدة الصف المغاربي، وفكرة المغرب الكبير هي توجهات ولى عليها الدهر وشرب وحتى من جماهير الشعب الجزائري انتفضت عليها إلى جانب الأوضاع الاقتصادية والسياسية البئيسة التي تعيشها الشقيقة الجزائر.
تجلى هذا الأمر بشكل جلي بحراك خرج فيه جموع الشعب الجزائري للمطالبة بمحاسبة ومحاكمة أزلام النظام العسكري وفساده، إضافة إلى صرفه خيرات الشعب على أطراف وقضية يراها الجميع خاسرة إلا أفراد “الطحانة” الذين يعيثون فسادا في البلاد والعباد.
وكما جاء على لسان جورجينا ميلوني رئيسة حزب أخوة بإيطاليا، أن 424 جنرال جزائري يلتهمون كل شهر ميزانية مدينة مثل ميلانو بينما الجزائر تواجه خطر الإفلاس والانهيار الاقتصادي، هي حقائق صادمة لا تبشر بخير للإخوة والشعب الجزائري.
و رغم المناورات ومحاولة الالتفاف بإجراء انتخابات لكبح جماح انتفاضة عارمة وحراك وطني لذر الرماد في العيون، إلا أن جموع الشعب عربا وأمازيغا ما زالت تتشبث بمطلب “دولة مدنية و ليست عسكرية”، وبشعار “العصابة Dégage”، في فهم سديد ورؤية متبصرة لوعي كل الجزائريين الأحرار، هي فكرة نابعة من عمق الشارع رغم محاولات إلصاق تهم المؤامرة والانفصال لمجموعة من الأطراف وصلت إلى حد اعتقال رموز مناضلة من أمثال لويزة حنون ومثقفين ورجال ونساء إعلام إلى جانب المئات من المتظاهرين السلميين، إذ رغم كل هذا رضخ في محطة معينة العسكر لقوة الشارع وتم إطلاق سراح جلهم إلا من بعض من يتواجدون لحدود الساعة بالمعتقلات.
هذا، وقد عرفت الشهور الأخير تطورات في الأزمة بعد أن تسببت الدبلوماسية الإسبانية في دخول المسمى إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليزاريو الانفصالية إلى إسبانيا للعلاج بجواز سفر وبهوية مزورة، وما رافق هذا الأمر من ضجة إعلامية على المستوى الدولي حيث تفجرت الأزمة الإسبانية المغربية، وكان فيها هذا الأخير حازما وأدت مؤخرا إلى قرار ذإعفاء وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا كونزاليس ليا، بعد أن تسببت في واحدة من أسوا الأزمات في تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث إنه يسود ترقب في الأيام الأخيرة لعودة العلاقات إلى سابق عهدها بين المغرب والجارة الشمالية بعد رأب الصدع.
وعلى إثر التطورات الحاصلة في هذا الملف في إطار التصريحات والتصريحات المضادة الدبلوماسية طبعا كما هو معلوم وتحول المغرب من موقع دفاع إلى مواقع الهجوم وفق استراتيجية عسكرية منظمة، أولا بالكركرات بأقاليمنا الصحراوية دفاعا عن وحدته الترابية وثانيا دبلوماسية متمكنة قطعت أشواط كبيرة.
لم يجرأ عسكر وخارجية الجزائر على استدعاء سفيرها لدى باريس للتشاور️ حيث إن فرنسا تحتضن جل زعماء الحركة من أجل تقرير مصير منطقة القبايل (الماك)، وتحتضن زعيمها فرحات مهني، وكل أجندة الحركة في مدن القبايل يتم التخطيط لها من المدن الفرنسية، لماذا لا تستدعي الخارجية الجزائرية سفيرها لدى باريس للتشاور سؤال يطرح نفسه بقوة؟
المغرب على الأقل لم يفتح أراضيه لأي حركة انفصالية جزائرية، ولو من باب المعاملة بالمثل، حتى تبرر الخارجية الجزائرية استدعاءها لسفيرها لدى الرباط بتصريحات السفير عمر هلال، حول تقرير مصير منطقة القبايل، في موقف ينم على المراهقة الدبلوماسية، فكيف لكم أن تدعموا مرتزقة بالعتاد واللوجيستيك وتؤيدون طرحا لا يوجد إلا في مخيلتكم ويهز أركانكم تصريح، أرى أن وقوفكم على الحافة وعدم اتزانكم سيكون سببا في سقوط مدو ولكم في التاريخ عبر و دروس لمن يتعظ.
تعليقات الزوار ( 0 )