شارك المقال
  • تم النسخ

الشّكوكُ تحومُ حولَ مدى جدّية حكومة العثماني في التّعاطي مع ملفّ الأمازيغية

منذ تقديم مقترح مشروع البطاقة الوطنية الإلكترونية الجديدة، والتي جاءت خالية من الأمازيغية، انهالت الانتقادات على سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، وتضاعفت الشكوك التي ظهرت بعد التأخير الذي شاب تحرك مصالحه لبدء التنزيل الرسمي للأمازيغية في المجالات ذات الأولوية، لتنهار كل الآمال التي علقها عليه البعض.

ورغم كل الجدل الذي رافق مشروع البطاقة الوطنية، والانتقادات التي وجهها نشطاء مغاربة، وإلا أنه، صودق عليه في البرلمان وفي المجلس الحكومي، لتخرج البطاقة الوطنية الجديدة إلى النور خالية من حروف “تيفيناغ”، لتواصل البطاقة التي تحدد هوية المواطنين، خالية من الحروف التي تمثل جزءاً لا يتجزء من هوية المغاربة.

وشرعت حكومة العثماني، بشكل رسمي، في تفعيل مقتضيات “رسمية الأمازيغية”، وذلك عبر مشروع مرسوم الذي تقدم به وزير الثقافة والشباب والرياضة عثمان الفردوس، في الثالث من شتنبر الجاري، والمتعلق بتفعيل مقتضيات القانون التنظيمي 26.16، المتعلق بتنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية في مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وخاصة المادة 34 منه، التي تنص على إحداث لجنة وزارية دائمة لدى رئيس الحكومة، يُعهد إليها بالتكلف بمهام تتبع وتقييم وتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.

وفي هذا السياق، أوضح عبد الله بادو، رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، في تصريح حديث له، بأن هناك العديد من العراقيل التي يمكن أن تعترض مسار اللجنة، وذلك نظرا لما سبق أن واجه حكومات ما بعد 2011، فيما يخص ملف الأمازيغية، مشيرا إلى أن الأخير، شابته مجموعة من الاختلالات والتعثرات المفتعلة والمقصودة أحيانا، من مختلف مكونات التحالف الحكومي الحالي.

وأكد بادو بأن مهام اللجنة، محدودة في التتبع والتقييم، متسائلا عن محلها من الإعراب فيما يخص عملية الإعداد ومدى احترامها للمقاربة التشاركية في عملها طيلة كل المراحل التي تخص تنزيل مقتضيات القانون التنظيمي، مشددا على أن عمل اللجنة، يعيد إلى الواجهة سؤال “مدى جدية الحكومة في التعاطي مع ملف الأمازيغية”.

وأوضح المتحدث نفسه بأن الحكومة استغرقت 9 سنوات منذ دستور 2011، لإعمال الفصل الخامس من الدستور، وهي ثلثا المدة الزمنية المقترحة لتنزيل القانون التنظيمي، واصفة الوضع بـ”سياسة هدر الزمن السياسي والتشريعي لخدمة أجندات صارت واضحة ومكشوفة تناهض وتقاوم وترفض أي تقدم يمكن تحصيله في ملف الأمازيغية”.

ونبه بادو إلى أن جميع القطاعات الوزارية، ولحدود الساعة، لم تعلن عن خطط عملها بشأن النهوض باللغة والثقافية الأمازيغية، بالرغم من انقضاء الآجال القانونية لذلك، الأمر الذي يجعل المغرب في “وضعية ضبابية وغير واضحة المعالم عن الاستراتيجيات القطاعية ذات الصلة بالأمازيغية”.

وأضاف المصدر السابق بأن الوضع الراهن بدأ يطرح سؤالَ مدى جدية سعد الدين العثماني، في تدبير ملف الأمازيغية، بالرغم من أنه، سبق وأصدرت مذكرة يطالب فيها وزارءه، بضرورة موافاته بخططهم المتعلقة بهذا الشأن، مؤكدا في الآن نفسه، على أنه بات من المحتم أن تكون هناك رؤية مشتركة ومتقاسمة بين مختلف القطاعات المعنية.

وذكر بادو بأن الحديث عن ضرورة وجود رؤية موحدة بين مختلف القطاعات بشأن ترسيم الأمازيغية، يضعنا أمام إشكالية جديدة، وهي ضعف الانسجام الواضح في مواقف ورؤية مختلف مكونات الحكومة بشأن النقاط المتعلقة بالأمازيغية، مما ينذر باستمرار تعثرات تنزيلها بشكل رسمي.

وسبق لمجموعة من النشطاء الأمازيغيين، أن أعربوا بشكل صريح، عن عدم ثقتهم في مضي الحكومة الحالية التي يقودها حزب العدالة والتنمية بزعامة سعد الدين العثماني، في ترسيم الأمازيغية، التي نص عليها دستور 2011، واعتبرها لغة رسمية للمملكة، إلى جانب العربية، ما دفعهم لإطلاق العديد من المبادرات الهادفة لتفعيلها بدءاً من المعاملات اليومية للمواطنين.

وفي هذا الإطار، أطلق عدد من المواطنين مبادرات تحت شعار “التفعيل الشعبي للأمازيغية”، كانت أبرزها تحرير الشيكات بحروف “تيفيناغ”، الأمر الذي رحبت به جل المؤسسات البنكية في المملكة، ولجأت بعضها لإضافة خاصية اللغة الأمازيغية في الشبابيك الإلكترونية الخاصة بها تجاوبا منها مع المبادرة، وهو ما اعتبره أصحاب هذه المبادرة، خطوة إيجابية، ونجاحا للانطلاق التفعيل من الحياة اليومية للأفراد.

يشار إلى أن الدستور المغربي الذي صوت عليه ما يزيد عن 98 في المائة من المواطنين سنة 2011، تضمن، ولأول مرة في تاريخ المملكة، اعتبار الأمازيغية لغة رسمية للبلاد، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المواطنين من دون استثناء، غير أن التنزيل الرسمي لهذا الأمر، لم يعرف النور في أغلب المجالات لغاية اليوم، بعد مرور ما يزيد عن 9 سنوات، على اعتماد الدستور الجديد.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي