تمكّن المغرب من ترسيخ موقعه كمورّد رئيسي للمنتجات الفلاحية إلى السوق الإسبانية، بعد أن سجلت صادراته من الفواكه والخضروات الطازجة قفزة قياسية بلغت 24% من حيث الحجم، و23% من حيث القيمة خلال الربع الأول من سنة 2025، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.
وتضع هذه الطفرة النوعية، التي نقلتها صحيفة Agronews Castilla y León المتخصصة في الشأن الفلاحي الإسباني، المغرب على رأس قائمة الدول غير الأوروبية الموردة للقطاع الفلاحي الإسباني، وتثير في المقابل قلقًا متزايدًا داخل أوساط الفلاحين الإسبان.
ووفق الأرقام الرسمية المستقاة من إدارة الجمارك الإسبانية، استوردت إسبانيا حوالي 188,076 طنًا من المنتجات الفلاحية المغربية، بقيمة مالية بلغت 481 مليون يورو، وهو ما يمثل أعلى مستوى تم تسجيله على الإطلاق خلال ربع سنوي.
وتتصدر الطماطم المغربية هذا الزحف، حيث استوردت إسبانيا 32,313 طنًا منها، بزيادة نسبتها 34% مقارنة بسنة 2024، فيما ارتفعت قيمتها بنسبة غير مسبوقة بلغت 57%، لتصل إلى 52.5 مليون يورو.
وفي المقابل، لم تمر هذه الأرقام دون أن تثير احتجاجات في صفوف الاتحادات الزراعية الإسبانية، وعلى رأسها اتحاد FEPEX الذي اعتبر أن الأسعار التفضيلية في إطار اتفاق الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي باتت “عاجزة عن حماية السوق الأوروبية” من ما وصفوه بـ”المنافسة غير المتكافئة”.
وندّد الاتحاد بما يعتبره فوارق كبيرة في الشروط الصحية والاجتماعية والبيئية بين المغرب والدول الأوروبية، ما يجعل كلفة الإنتاج في المغرب أكثر تنافسية، ويُصعّب من قدرة المنتج الأوروبي على الصمود أمام هذا النمو المتصاعد.
ورغم الاحتجاجات، يرى مراقبون أن النجاح المغربي يعكس ديناميكية فلاحية وإنتاجية متقدمة، ترتكز على ثلاثة عناصر أساسية: القرب الجغرافي من أوروبا، انخفاض كلفة اليد العاملة، والتوسع في البنيات التحتية الموجهة للتصدير. كما أن الاتفاقيات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي تتيح للمغرب فرصًا استراتيجية لاقتحام الأسواق.
ورغم الضغط المتزايد من بعض اللوبيات الفلاحية الأوروبية، يبقى المغرب شريكًا لا غنى عنه لأمن أوروبا الغذائي، خاصة في ظل التغيرات المناخية التي بدأت تؤثر سلبًا على وتيرة الإنتاج داخل دول جنوب القارة مثل إسبانيا وفرنسا.
ويعزز هذا التطور مكانة المغرب كقوة فلاحية ناشئة، لكنه يُحمّله أيضًا مسؤوليات جديدة، أبرزها ضمان استمرار جودة الإنتاج، احترام المعايير البيئية الأوروبية، واستثمار هذه المكاسب في تطوير القطاع الفلاحي الوطني، خاصة لصالح صغار الفلاحين وساكنة العالم القروي.
وفي سياق يتسم بعدم اليقين الاقتصادي في أوروبا، يبرز المغرب كـ”قصة نجاح” جنوب المتوسط، وفاعل استراتيجي قادر على لعب أدوار محورية في ضمان توازن الأمن الغذائي بين ضفّتيه.
تعليقات الزوار ( 0 )