شارك المقال
  • تم النسخ

الرّحل.. القَبائِلُ المغربيةُ التي حَمتهَا “التقاليدُ” من “كورونا”

شكلت التقاليد أحد أكبر العراقيل التي واجهت التزام المواطنين بإجراءات الحجر الصحي في أغلب جهات المغرب، بعد أن تسببت في خرقها أكثر من مرة، عبر إقامة حفل زفاف سري ودعوة الأقارب، حضور عقيقة فرد من العائلة، العزاء، المعايدة، غير أنها (أي التقاليد)، لم تكن بهذا السوء في كامل التراب الوطني، فقد ساهمت بشكل كبير، في حماية بعض القبائل من الإصابة بفيروس كورونا في عدد من المناطق.

لم يكن البدو الرّحل من قبيلة “بني كيل” المستقرة بإقليم فجيج، شرقي المملكة، مجبرين على تغيير نمط حياتهم، من أجل الالتزام بالإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة، وسمعوها في المذياع، لأنها تشكل طريقة عيش بالنسبة لهم، فلا يحتاجون للتباعد الاجتماعي وتفادي الاكتظاظ، وعدم الجلوس في المقاهي والحدائق.

وسط مناخ شبه صحراوي، جافٍ، لا تقل درجة حرارته عن 38 مئوية، قد تمر شهورٌ على حماد (47 سنة)، قبل أن يرى أيّ إنسان آخر غير أقاربه، فهو يقضي برفقة زوجته وأبنائه الأربعة، أيامه في خيمته المتنقلة التي ترافقه في كل تحركاته التي تتم بحثا عن الماء والكلأ للماشية.

وفي حديثه لـ”بناصا”، قال حماد، إنه ضحك حين سمع في المذياع، بـ”مطالبة الحكومة المغاربة بأن يحرصوا على التباعد الاجتماعي، ويتجنبوا الاكتظاظ، كتدابير احترازية في الظرفية الحالية، لأن هذا بالنسبة للبدو الرحل، نمط حياة مستمر، كان قبل كورونا، وسيستمر بعده، وليس مجرد إجراء مؤقت”.

من جانبه قال حمزة ( 27 سنة)، بأن البدو الرحل، قد “يتسوقون مرة في الشهر أو الشهرين، وحاجياتهم بسيطة وجد محدودة، كما يمكن لشخص واحد أن يجلب معه، خلال توجهه للتسوق، ما يحتاجه ثلاث أو أربع أسر، الأمر الذي يجعلهم لا يغادرون أماكهم، وبعيدين جدا، عن أي اختلاط، ما يقلص احتمال إصابتهم بكورونا”.

وأضاف بأن “نمط حياة البدو الرحل، يتميز أيضا بالعزلة الاجتماعية في السكن، وقد تصل المسافة بين الخيمة والأخرى، عدة كيلومترات، كما ويتسم عيشهم اليومي بالجدية في التعامل مع الأمراض المعدية، عكس ما يروجه البعض، بأنهم لا يبالون، وذلك راجع أساسا لبعدهم عن المستشفيات”.

واختتم حمزة حديثه بالقول: “رغم أن حياة الرحل لم تتغير في الظرفية الاستثنائية التي تمر بها المملكة، وبقي عيشهم كسابق عهده، منعزلا عن العالم، وبعيدا عن المدن، إلا أن الجائحة، أضرت بالكثير منهم، بعد أن أجبرتهم على البقاء في مكانهم خلال فترة الحجر الصحي، أو على الأقل، تجنب ملاقاة السلطات في حال نقل مقر تخييمهم”.

يشار إلى أن أعداد البدو الرحل في المغرب، عرفت تراجعا كبيرا خلال السنوات الماضية، بعد تفضيل الأبناء الهجرة إلى المدن للبحث عن حياة أفضل، إلا أن هناك عددا من القبائل ما تزال تحافظ على نمط حياة الترحال، وتتواجد في عدد من المناطق المغربية، خاصة في الشرق والجنوب الشرقي والأقاليم الجنوبية للمملكة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي