Share
  • Link copied

الرباط وتونس بدون سفراء منذ 2022: العلاقات المغربية-التونسية في حالة جمود دبلوماسي وسط صمت رسمي متبادل

كشفت مجلة “جون أفريك” الفرنسية، في عددها الأخير، عن معطى دبلوماسي مثير يعكس حالة الفتور التي تمر بها العلاقات بين المغرب وتونس منذ أكثر من عامين، إذ تبين أن البلدين لم يعينا أي سفير في عاصمتي بعضهما البعض منذ سنة 2022، ما يكرس حالة الجمود الدبلوماسي الصامت بين الجارتين المغاربيتين.

وبحسب المجلة ذاتها، فإن الحدث الذي أعاد هذا الملف إلى الواجهة هو تعيين حسن طارق، السفير المغربي السابق في تونس، في منصب وسيط المملكة، وفق بلاغ للديوان الملكي صدر بتاريخ 25 مارس الماضي.

وكشف التعيين الذي مرّ في صمت إعلامي نسبي، داخليًا وخارجيًا، أن الرباط لم تعوض طارق بسفير جديد منذ مغادرته المنصب، بل الأكثر من ذلك، أن السلطات التونسية لم تعين بدورها خلفًا لسفيرها السابق لدى المغرب محمد بن عياد، الذي تم تكليفه بمهام أخرى.

وشهدت العلاقات المغربية-التونسية توترًا متصاعدًا منذ سنة 2022، عقب استقبال الرئيس التونسي قيس سعيد لزعيم جبهة “البوليساريو” إبراهيم غالي، خلال انعقاد مؤتمر “تيكاد” الياباني-الإفريقي، وهو ما اعتبرته الرباط موقفًا عدائيًا يمس بوحدتها الترابية، واستدعت على إثره سفيرها للتشاور.

ومنذ ذلك الحين، لم تتخذ أي من العاصمتين مبادرة جادة لإعادة المياه إلى مجاريها. فالتمثيل الدبلوماسي ظل في أدنى مستوياته، وتوقفت المشاورات السياسية الثنائية، في وقت تُجمع فيه تحليلات المراقبين على أن التحولات الجيوسياسية الإقليمية، خاصة في ملف الصحراء المغربية، كانت في قلب التوتر المتصاعد.

ويعد غياب السفراء من أبرز مؤشرات الفتور بين الدول، وهو ما يطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين بلدين يجمعهما التاريخ والثقافة والمصير المغاربي المشترك.

فرغم أن العلاقات الاقتصادية لم تتأثر بشكل جذري، إلا أن غياب التمثيل الدبلوماسي الكامل يُعرقل أي تقدم في الملفات الكبرى، خاصة التعاون الأمني والتنسيق الإقليمي.

ويتساءل المراقبون اليوم: من سيتخذ المبادرة لطي صفحة الخلاف؟ هل ستكون الرباط التي تعتبر قضية الصحراء خطًا أحمرًا، أم تونس التي تبدو في ظل سياساتها الداخلية أكثر انكفاءً على الذات وأقل انخراطًا في الديناميات المغاربية؟

ومنذ اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء سنة 2020، تغيرت ملامح التحالفات الإقليمية في المنطقة.

فالمغرب انفتح أكثر على القوى الكبرى كالولايات المتحدة وإسرائيل، بينما اختارت تونس سياسة أكثر غموضًا، وأحيانًا أقرب إلى الحياد المائل نحو الجزائر، الحليف التقليدي للبوليساريو.

وهو ما زاد من حدة التباعد بين الرباط وتونس، في وقت كانت المنطقة المغاربية بحاجة إلى تماسك إقليمي لمواجهة التحديات المشتركة، من أزمات اقتصادية إلى التهديدات الإرهابية التي تخيم على منطقة الساحل.

وأشارت المجلة، إلى أن الفراغ الدبلوماسي بين المغرب وتونس ليس مجرد غياب سفراء، بل يعكس شرخًا عميقًا في الرؤية السياسية بين الجانبين، في ظرف إقليمي حساس.

وبين صمت العواصم وتريث المبادرات، يبقى الأمل معقودًا على عودة العقلانية السياسية، وإحياء روح الحوار المغاربي، لأن الخاسر الأكبر من هذا الجمود ليس فقط الرباط أو تونس، بل المغرب العربي بأكمله.

Share
  • Link copied
المقال التالي