في خطوة جديدة نحو توسيع الشراكات العسكرية وتعزيز التنسيق الأمني في مواجهة التهديدات المشتركة، أعطيت الانطلاقة الرسمية للنسخة الثالثة من المناورات العسكرية المشتركة بين قوات العمليات الخاصة المغربية ونظيرتها من الجيش الباكستاني، في إطار التعاون الدفاعي بين الرباط وإسلام آباد.
وتأتي هذه التدريبات المتقدمة لتعزيز مهارات وحدات النخبة في كلا البلدين، وتكريس التنسيق في مجالات مكافحة الإرهاب، والقتال القريب، والتدخل السريع، واقتحام المواقع المحصنة، وهي مهارات أصبحت اليوم جوهرية في ظل تزايد التحديات الأمنية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
هذا التمرين العسكري لا يندرج فقط ضمن التكوين العملياتي، بل يحمل أيضًا أبعادًا استراتيجية، خصوصًا في ظل تعدد بؤر التوتر بمنطقة الساحل والصحراء، وارتفاع منسوب التهديدات الإرهابية العابرة للحدود.
كما أنه يعكس رغبة المغرب في تنويع شراكاته الدفاعية، خارج الإطار التقليدي لحلفائه الغربيين، والبحث عن تعاون جنوب–جنوب أكثر مرونة وفعالية.
من جانب آخر، يعبّر الحضور الباكستاني عن انفتاح إسلام آباد على الفضاء المغاربي، خصوصًا في ظل التقاطعات الأمنية التي تجمع البلدين، سواء من حيث مكافحة التطرف العنيف أو من حيث الطموح لتعزيز أدوارهما الجيوسياسية في آسيا وإفريقيا.
لا يمكن فصل هذه المناورات عن سياقها الإقليمي المتوتر، حيث تتصاعد حدة الاستقطاب بين المغرب وبعض جيرانه، على خلفية ملفات أمنية وجيوسياسية معقدة.
وفي المقابل، تعزز الرباط من قدراتها الدفاعية وتنوع من شراكاتها، في إشارة واضحة إلى أنها تتحرك ضمن مقاربة متعددة الأبعاد لتعزيز جاهزيتها وحماية مصالحها.
وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين المغرب وباكستان تعرف تطورًا تدريجيًا في السنوات الأخيرة، سواء في الجانب العسكري أو الاقتصادي أو الدبلوماسي، وسط اهتمام متزايد من الجانبين بإرساء أسس تعاون استراتيجي مستدام.
وفي النهاية، تشكّل هذه المناورات أكثر من مجرد تمرين عسكري مشترك، بل هي ترجمة ميدانية لرؤية جديدة في التعاون الأمني، ومؤشر على أن الرباط تبني تحالفاتها بتأنٍ، لكن بثقة واضحة نحو المستقبل.
تعليقات الزوار ( 0 )