شارك المقال
  • تم النسخ

الدرويش يدعو إلى مزيد من الاهتمام بالدراسات الإفريقية

دعا محمد الدرويش، رئيس مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم، المسؤولين إلى استحضار تاريخ المغرب وحاضره في القارة الإفريقية، من أجل بناء مستقبله داخلها، معرباً عن أسفه، في السياق نفسه، من اتخاذ الحكومة السابقة، لقرار تجميد معهد الدراسات الإفريقية.

وقال الدرويش، في افتتاح المائدة المستديرة حول موضوع: “الدراسات الإفريقية، الأهمية والآفاق، التي نظمتها مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم، بشراكة مع جمعية جهات المغرب، وأقيمت بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، إن هذا المكان الذي يحتضن المناسبة، هو نفسه الذي استضاف قبل ثمان سنوات، خلال شهر يونيو من سنة 2014، ندوة دولية في موضوع: “المغرب وإفريقيا.. الماضي والحاضر والمستقبل”.

وأضاف الدرويش، أن هذه الندوة، “شارك في أشغالها أكاديميون وسياسيون من مجموعة من دول إفريقيا الفرنكوفونية والأنجلوساكسونية والعربية، والتي انتهت أشغالها بإصدار نداء الرباط باسم المشاركين، حيث أكدوا على الحاجة الدائمة والمتجددة للتشاور وتبادل الخبرات والتجارب والتعاون بين أساتذة الجامعات والفاعلين من منظمات سياسية واجتماعية ومدنية واقتصادية وثقافية”.

وذلك، يتابع الدرويش، من أجل “بناء نهج مشترك يهدف إلى ضمان تنمية القارة الإفريقية في جميع المجالات على أساس التضامن الفعال والرؤية المشتركة للمستقبل، مع المطالبة بالاعتراف بالجهود التي يقوم بها المغرب للمساهمة بجدية في الجهود الجماعية من أجل قارة جديدة بروح رابح – رابح، والتأكيد على أن القارة الإفريقية ما زالت تتعرض للتلاعبات المختلفة”.

وأبرز أن هذه التلاعبات، “تتسبب في الأزمات والصراعات الداخلية والتي تهدد الاستقرار في مجموعة من الدول الإفريقية والدعوة الصريحة إلى أن يكون الاتحاد الإفريقي، مؤسسة قوية بهياكل جدية وفعالة ومناسبة لقضايا القارة في علاقاتها الدولية، مع التنويه بانخراط المغرب في تنفيد سياسة إفريقية بناءة من خلال سياسة التعاون جنوب – جنوب”.

واسترسل الدرويش، أن نداء الرباط، وجه أيضا، “الطلب لرؤساء الدول الإفريقية بالانخراط في إصلاح الاتحاد الإفريقي، ونداء للمملكة المغربية للعودة إلى الاتحاد الإفريقي”، مردفاً: “اليوم نعود لطرح الموضوع لكن بمنطق آخر وفي ظروف مغايرة حيث نستحضر خلاله تاريخ الدراسات الإفريقية، ومجالات اهتمامات المؤرخين والسياسيين والاقتصاديين بقارة لها التاريخ والثروة الإنسانية والطبيعية وغيرهما”.

ولذلك، يتابع “أضحت تشكل محط اهتمام كل القوى العالمية وفضاء التجاذبات السياسية والاقتصادية خصوصا بعد ما عاشته الدول العظمى من أزمات مالية بعد سنة 2007، وانعكاسات ذلك اجتماعيا وسياسيا”، مضيفاً أنه “لا بد من التذكير هنا بأن القرار الحكيم الذي اتخذه جلالة الملك محمد السادس والقاضي بعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، والعدول عن سياسة المقعد الفارغ في هياكله بعثر أوراق خصوم المغرب”.

وواصل الدرويش: “بل إن الزيارات المكوكية التي قام بها جلالته لمجموعة من الدول الإفريقية وحجم الاستثمار الذي دشنه المغرب في دول إفريقية بمنطق رابح – رابح، كل ذلك أعاد المغرب لمكانته الطبيعية، انتماء للقارة الإفريقية، واستحضارا للعلاقات التاريخية التي جمعت بينه وبين دول إفريقية عبر التاريخ، وهي مبادرات لعمري جعلت دولا تستعيد الثقة في قدراتها وأدت إلى كثير منها بالجهر بأن إفريقيا للأفارقة في كل المستويات حتى تكون قادرة على رفع تحديات التنمية والتحديث”.

ويمكن القول، يردف الدرويش، إن “مجموعة من الأساتدة الباحثين قاموا بأدوار مهمة في نسج علاقات أكاديمية مع زملائهم في مجموعة من الدول الإفريقية، وذلك باب من أبواب التقارب وتبادل التجارب والأفكار من أجل إفريقيا، وتم ذلك من خلال شعب التاريخ بكليات الآداب والعلوم الإنسانية بدءا بالرباط، ومرورا بكل الكليات ونسجل باعتزاز كبير الأدوار الوطنية بمنظور أكاديمي علمي، والتي قام بها مجموعة من الأساتدة الباحثين المختصين، والذين ساهموا في تصحيح مجموعة من المغالطات حول إفريقيا والأفارقة”.

هذا وساهم هؤلاء الأساتذة أيضا، حسب الدرويش، إيجاباً في “العلاقات المغربية الإفريقية بوجهات نظر إما قبلية أو عرقية أو دينية أو غيرها واستمرت الأجيال بعد هؤلاء المؤسسين في نهج نفس الطريق حتى توج هذا الاهتمام بتأسيس معهد خاص بالدراسات الإفريقية سنة 1987، بتعليمات سامية من الملك الراحل المرحوم الحسن الثاني هو معهد الدراسات الإفريقية ، المؤسسة الجامعية التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط”.

ويهدف المعهد، يضيف الدرويش، إلى “دراسة التراث المشترك بين المغرب وباقي الدول الإفريقية وتعميق البحث في حضاراتها ولغاتها ولهجاتها ومقوماتها التاريخية والطبيعية”، و”تنظيم الندوات والمؤتمرات واللقاءات والمعارض بمشاركات وطنية وإفريقية والمساهمة في تطوير البحث العلمي في المجالات الإنسانية والاجتماعية”.

كما أن المعهد، يهدف أيضا لـ”إنتاج و تجميع الوثائق والمراجع والكتب والأبحاث”، و”المساهمة في المشاريع الوطنية الخاصة بإفريقيا”، إلى جانب “إقامة العلاقات الاكاديمية العلمية مع نظرائهم في الدول الافريقية و مع تنظيمات المجتمع المدني و السياسي و المؤسسات المماثلة”، مذكّرا في السياق نفسه، بأن معهد الدراسات الإفريقية تداول على إدارته 5 مسؤولين”.

وكان أول شخص تولى إدارة المعهد، هو” أحمد توفيق 1990-1994 (تخصص:التاريخ)”، وبعده “الحسين مجاهد 1994-1997(تخصص:اللسانيات)”، ثم “حليمة فرحات 1997-2003 (تخصص: التاريخ)”، وبعدها “فاطمة الحراق 2003-2007 (تخصص: التاريخ)”، و”يحيى أبو الفراح من سنة 2007 إلى سنة 2017 (تخصص الجغرافيا)”، حسب ما جاء في كلمة الدرويش.

واستطرد المتحدث ذاته: “لنا أن نعتز بأن المغرب احتضن عبر الأساتذة الباحثين إما بصفة فردية أو مؤسساتية دراسات إفريقية ومعهد خاص بها علما أنه قليلة هي الدول التي تحتضن هذا النوع من المعاهد الخاصة بهاته الدراسات كمصر و السودان و جنوب إفريقيا و دول غربية..”، مذكّراً بأن “دستور 2011، أكد بعبارات صريحة على الجذور الإفريقية باعتبارها أحد روافد الهوية المغربية”.

ينضاف إلى ذلك، يتابع الدرويش، “تاريخ الكفاح المشترك بين المغرب وعدد من الدول الإفريقية في مواجهة الاستعمار والاحتلال وتبني المواقف المبدئية في مساندة الدول التي لم تستقل بعد وهو الأمر الذي جسده بتميز كبير مؤتمر الدارالبيضاء خلال شهر يناير 1961، والذي جسد النواة الأساس للوحدة الإفريقية المرجوة والتي سيعلن عن ميلادها باسم منظمة الوحدة الإفريقية في شهر مايو 1963”.

ومضى الدرويش يقول: “لن نذكر في هذا المقام بما تم تحقيقه أو إفشاله، خلال مسارها والمناورات والضرب تحت الحزام لخصومها بأدوات داخلية وخارجية شخصية ومؤسساتية مما جعل المغرب يتخذ القرارات الملائمة لأوضاع بعينها خصوصا خلال سنوات 1984″، مسترسلاً، أنه في “2017، اتخذ المغرب قرارا تاريخيا أربك الخصوم وفرض إعادة ترتيب الأوراق الإفريقية والدولية والمتمثل بعودة المملكة المغربية إلى الاتحاد الإفريقي، ومساهمته الجادة في البدء بمسلسل إصلاح داخلي وتصحيح لأوضاع هيمنة هذا الطرف أو ذاك”.

وتابع أن الانخراط الجدي للمغرب، بـ”قرارات جريئة وواعدة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا ومعرفيا دفعا بتنفيذ مقتضيات شعار إفريقيا للأفارقة، وعليه واستحضارا لكل هاته المعطيات فإن الحاجة ملحة إلى مواكبة الأكاديميين والباحثين لهذا المسلسل الطويل والمنتج ولابد من عمل جامعي جدي يرافق المبادرات والقرارات التي تتخذها الدولة المغربية في كل المستويات، علما أن مجالات تحرك الأكاديمي أوسع وأرحب من تلك التي تكون للسياسي أو الإداري وبذلك يحصل التكامل”.

فبعد كل هذا، يواصل الدرويش، “وبعد الإشارات والتنبيهات واستحضارا لمبادرات وقرارات الملك محمد السادس تجاه إفريقيا من خلال اتصالاته وجولاته عبر قطعه مئات الآلاف من الكيلوميترات وهو يدشن و يزور دولا إفريقية شقيقة وصديقة وما نتج عن ذاك من قرارات مؤسساتية حكومية وخاصة في كل المجالات، ألا يستحق ذلك مواكبة للدراسات الإفريقية لهاته المشاريع من خلال بنية وطنية متكاملة معرفيا ولغويا وإداري، تتقاطع مع كل السياسات العمومية تجاه إفريقيا وتعمل على تجميع تاريخ هاته العلاقات المشتت هنا وهناك، وبذلك تزيد مكانة أساتذتنا الباحثين المختصين ويزيد عطاءهم وإنتاجاتهم”.

وأعرب الدرويش عن أسفه، لتجميد الحكومة السابقة “المعهد لمدة تقارب الست سنوات وعطلت دينامية الأساتذة الباحثين هناك وقررت إدماج معهد الدراسات الإفريقية ومعهد الدراسات الإبيرية ومعهد البحث العلمي في معهد واحد لم يشتغل بعد”، مبرزاً أن القرار قد يكون “مبررا لكننا نعتقد أن كل التبريرات والحجج لن تبلغ درجة أهمية ومكانة المبادرات الملكية لسنوات تجاه القارة الإفريقية كما أنها لن تعدم فكرة مشروع إيجاد مؤسسة وطنية تعنى بقضايا إفريقيا والأفارقة في زمن تمحي فيه الحدود بين المعرفي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي”.

وتساءل الدرويش: “فهل كانت الحكومة السابقة مصيبة / بالمعنى الفصيح للكلمة / في قرارها أم كانت مصيبة بمعناها الدارج، الزمن وآراء المهتمين والفاعلين سيساعدنا على الجواب”، مختتماً كلمته بتوجيهه نداءً إلى المسؤولين بـ”التفكير الجدي الذي يستحضر تاريخ المغرب وحاضره من أجل مستقبله في قلب إفريقيا ومن أجل إفريقيا ومع إفريقيا”.

يشار إلى أن المائدة المستديرة المذكورة، عرفت مشاركة، إلى جانب محمد الدرويش، كلّاً من رشيد عبدي، رئيس مجلس جهة الرباط سلا القنيطرة، والباحثين والأساتذة محمد الفران، والموساوي العجلاوي، ووائل بنجلون، ورشيد بنلباه.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي