شارك المقال
  • تم النسخ

الداودي: أذربيجان أول دولة إسلامية نص دستورها على العلمانية منذ تأسيسها

اعتبر الدكتور فيصل الداودي، أستاذ باحث بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، أن دولة أذربيجان تقدم نموذجا جيدا ومتكاملا للتعددية الثقافية، بالرغم من أنها دولة ذات الغالبية المسلمة، ومع ذلك فهي تقبل التعايش بين المسلمين والمسيحيين واليهود، حيث يوجد في أذربيجان 13 كنيسة و11 بنيت بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، كما يضم البلد 6 معابد يهودية وأكثر من 2000 مسجد.

وبالرغم من أن عدد الكنائس أقل من عدد المساجد إلا أن واحدة من الكنائس الأولى بنيت بدعم مالي مهم من طرف مليونير النفط المسلم الشهير الأذربيجاني الحاج زين العابيدين تاغييف سنة 1909 كوسيلة لتعزيز الصداقة بين المجموعات الدينية المختلفة التي كانت تعيش آنذاك في باكو عاصمة البلاد.

وأوضح الباحث المغربي  خلال ندوة  بعنوان “أذربيجان في مواجهة العدوان الأرميني 28 سنة من المعاناة الإنسانية” حضرها سفير أذربيجان بالمغرب واحتضنتها مؤسسة الإسيسكو بالرباط، أن أذربيجان تعتبر ملتقى بين الحضارات والقارات، بين أوربا في الغرب، وآسيا في الشرق، وبين المسيحية في الشمال والإسلام في الجنوب، وهو ما جعل البلاد على مر العصور تتمتع بملتقى طرق الحضارات المختلفة التي تداخلت فوق أراضيه نشأ وتطور نموذج متميز لتعددية ثقافية.

وأشار الباحث المغربي أن الجذور التاريخية للتعددية الثقافية في أذربيجان تمتد لعدة قرون قام من خلالها المجتمع باستمرار بجمع فسيفساء المجموعات العرقية والدينية المختلفة حسب تغير مصادر التأثير السياسية والثقافية. حيث أن أذربيجان، وقبل أن تصبح جزءا من الإمبراطورية الروسية خلال القرن 19، كانت أرضي أذربيجان تحت سيطرة وتأثير الفرس لهذا فإن حقيقة أن الأغلبية المسلمة تعتنق المذهب الشيعي هي نتيجة لهذا التأثير، علاوة على ذلك وبالرغم من خضوع هذا البلد ما يقرب 100 سنة تحت حكم الروس وتعرض ساكنته بقوة للتأثير الأرثوذوكسي واكتسابها تراثا روسيا إلا أنه لم ينتشر ويتجذر في المجتمع الآذري بقوة مثل التراثين التركي والفارسي.

وعلى إثر تفكك الإمبراطورية الروسية أعلنت جمهورية أذربيجان استقلالها لأول مرة عام 1918، وبعد عامين فقد أصبحت جزء من الاتحاد السوفياتي سنة 1920 حيث تكيف الأذربيجانيون خلال هذه الحقبة مع مبادئ الشيوعية وتم حظر الدين تماما وتقوية البناء المتعدد الأعراق للمجتمع في أذربيجان جراء سياسات الهجرة التي انتهجت داخل الاتحاد.

واعتبر الباحث في مداخلته أن موقع أذربيجان لعب حلقة وصل بين أوربا وآسيا وكملتقى طرق الحضارات المختلفة دورا كبيرا في إغناء التعددية الثقافية، كما أن  وجود البلد على طريق الحرير  جعل السكان يتأثرون بشكل كبير بتدفق المسافرين والأفكار والمعتقدات والتقاليد الجديدة المنقولة مع القوافل من الهند والصين إلى أوربا، غضافة إلى ذلك غنى هذا البلد بالنفط وساهم بدوره في تدفق الأجانب من مختلف بقاع العالم للعمل بهذا القطاع الحيوي.

ويرجع نجاح النموذج الأذربيجاني للتعددية الثقافية، حسب الباحث المغربي فيصل الداودي، إلى الانفتاح الفريد والحداثي، حسب تعبيره، للمجتمع الآذاري الذي يمكن أن نلامسه في العديد من القرارات الرائدة، حيث كانت جمهورية أذربيجان منذ تأسيسها عام 1918، وكانت أول جمهورية ديمقراطية علمانية في العالم الإسلامي حيث المواطنون باختلاف أصولهم وأعرافهم متساوون في الحقوق مع دعم مجتمعي مهم للمساواة بين الجنسين، فقد كانت أول بلد إسلامي يمنح المرأة حق التصويت حتى قبل العديد من الدول الأوربية ودعم تعليمها من خلال بناء مدارس للبنات منذ القرن التاسع عشر، وهكذا يعتبر البلد اليوم مثالا حيا يثبت للعالم وجود بلد ومجتمع إسلامي ليس متسامحا وحسب، بل مبني على مبادئ المساواة والحرية والتعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع العرقية.

وينص دستور أذربيجان مثل العديد من دساتير الدول الحديثة على أن كل دين متساو أمام القانون (المادة 18) بينما تضمن الدولة المساواة واحترام الحقوق والحريات للجميع بغض النظر عن العرق أو الجنس أو الدين أو اللغة (المادة 25) ةلكل شخص حرية اختيار أي دين والتعبير عن رأيه في الدين (المادة48)، في هذا الإطار خلقت سياسة الدولة ممارسة عملية مجتمعية مبنية على روح التسامح والاحترام والإخاء بين الأعراق والأديان يمكن رؤيتها والشعور بها أكثر مما في العديد من بلدان العالم عززتها بسياسة تعليم فريدة من نوعها حيث يسمح بتعليم لغات الأقليات القومية كجزء من المناهج الدراسية في أغلب المدارس حتى وإن كانت لغة سكان قرية جبلية صغيرة واحدة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي