عاد الجدل من جديد إلى واجهة الساحة الزراعية الإسبانية، وهذه المرة على خلفية ما وصفه الفلاحون بـ”الاجتياح غير العادل” للمنتجات الفلاحية القادمة من المغرب، والتي تشهد ارتفاعًا غير مسبوق في حجمها خلال الأشهر الأولى من عام 2025.
فبحسب ما كشفت عنه الصحافة الإسبانية، استوردت إسبانيا ما مجموعه 191.906 طن من الفواكه والخضروات المغربية في الربع الأول فقط من السنة الجارية، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 22% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024.
وعلى الصعيد الاقتصادي، بلغت قيمة هذه الواردات 487,12 مليون يورو، محققة رقمًا قياسيًا جديدًا يثير مخاوف المنتجين المحليين.
المنتجات المغربية التي تكتسح السوق الإسبانية تشمل الطماطم، الفلفل، الفاصوليا الخضراء، الأفوكادو والتوت الأزرق، وهي كلها محاصيل رئيسية في مناطق الجنوب الشرقي لإسبانيا، خاصة ألميريا، مورسيا وبلنسية، ما يزيد من حدة التوتر بين المزارعين المحليين ونظرائهم في الضفة الجنوبية من المتوسط.
منافسة “غير متكافئة”
وتعالت أصوات جمعيات المزارعين الإسبان للتنديد بما وصفوه بـ”المنافسة غير العادلة”، مشيرين إلى أن الفارق الشاسع في التشريعات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب يخلق بيئة غير متوازنة.
ويؤكد هؤلاء أن المنتجات المغربية لا تخضع لنفس المعايير الصارمة من حيث الاشتراطات الصحية والبيئية والعمالية، ما يمنحها أفضلية في السعر ويزيد من صعوبة المنافسة على المنتج المحلي.
وقال متحدث باسم الاتحاد الإسباني لمصدّري ومنتجي الفواكه والخضروات (FEPEX): “إن النمو المستمر في استيراد المنتجات المغربية أصبح يهدد مستقبل قطاعات زراعية بأكملها، خاصة الطماطم التي تراجعت حصتها في السوق الإسبانية بشكل مقلق.”
وفي الفترة ما بين يناير ومارس 2025، استوردت إسبانيا 32.313 طنًا من الطماطم المغربية، أي بزيادة 34% مقارنة بالعام الماضي، فيما ارتفعت قيمتها المالية بنسبة 57% لتصل إلى 52,5 مليون يورو.
نداءات بمراجعة الاتفاقيات
ويرى الفلاحون أن اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لم تعد تفي بالغرض، بل أصبحت متجاوزة في ظل تطورات السوق الحالية.
ويدعون إلى مراجعة عاجلة لبنودها، لاسيما المتعلقة بما يسمى “أسعار الدخول”، التي من المفترض أن توفر حماية للمنتج الأوروبي أمام المنافسة الخارجية، لكنها – بحسب رأيهم – “أصبحت بلا تأثير حقيقي”.
وإلى جانب الطماطم، تمثل الفلفل والفاصوليا الخضراء ثاني وثالث أكثر المنتجات المغربية استيرادًا، بـ32.045 طنًا و19.600 طن على التوالي.
كما شهدت فواكه مثل الأفوكادو والتوت الأزرق والفراولة قفزات كبيرة في حجم الواردات، مما يثير قلقًا إضافيًا في الأوساط الفلاحية.
دعوة إلى التوازن لا إلى الإغلاق
ورغم كل هذه الاعتراضات، يشدد المزارعون الإسبان على أنهم لا يطالبون بـ”إغلاق السوق” أمام المنتجات المغربية، وإنما يدعون إلى وضع قواعد متكافئة تضمن المنافسة العادلة بين الطرفين.
ويقولون إن استمرار الوضع على ما هو عليه يهدد آلاف الوظائف في المناطق الزراعية ويدفع بالعديد من المنتجين نحو الإفلاس.
تعليقات الزوار ( 0 )