نشأت الحركة النسوية في الغرب في أواخر القرن 19 بدعم من الساسة ورجال الأعمال رفضا لفحولة الرجل وتسلطه وبحثا عن الخروج من سيطرته. وبعيدا عن تاريخ النشأة والأيديولوجيات والخلفيات الكامنة وراء ظهور هذه الحركات في مختلف بقاع العالم نتناول الموضوع من جوانب مختلفة تتعلق ببيئة النشأة وظروفها والأهداف وكذا الفئات المجتمعية المنخرطة فيها ومدى اندماجها في المجتمع وإلى أي حد يتقبل كل مجتمع أفكارها وتوجهاتها ومدى تأثيرها على الجانب الاجتماعي والديني والسياسي.
وتتباين التعريفات حول النسوية فحسب ناشطاتها فهي حركة تدافع عن حقوق النساء وحفظ حقوقهن كانسان مسؤول ومنفرد في حين أن هناك تعريفات أخرى تتهم الرجل بكونه أساس المشكل فهو يقيد حرية المرأة ويمنعها من تحقيق أهدافها.
وانقسمت إلى ثلاثة أنواع النوع الأول هو الاشتراكية التي ترى أن المشكلة في النظام الذي يسعى إلى تحقير المرأة وهي حركة أخذت أفكارها من الحركات السياسية. ثم الحركات الليبيرالية التي تضع كمرجع أساسي لها كون المرأة فردا مستقلا يجب أن يعامل لذاته. أما النوع الثالث فيعد الأكثر تطرفا إذ يرى بأنه يجب هدم النظام لتتمكن المرأة من تحقيق المساواة.
وامتدت هذه الحركات النسوية لتصل إلى العالم العربي في بداية القرن العشرين بتأسيس الاتحاد النسائي المصري عام 1923.
ولطالما أثار مصطلح النسوية في العالم العربي لغطا وتباينا في الآراء فما أن يتم ذكره في موضع حتى تتعالى الأصوات بين مدافع ومعارض.
وتباينت ردات الفعل حول ظهور الحركات النسوية في العالم العربي بين من تقبل هذه الحركات وطالب بحقوق النساء ومنهم من رأى في كون هذه الحركات تجاوزا وتعديا.
وتعتبر نوال السعداوي وفاطمة المرنيسي أيقونة للنضال من أجل حقوق الانسان في العالم العربي. ففي إطار الدفاع عن حقوق المرأة الاجتماعية والسايسية وتحريرها من ‘سلطة الرجل’ ألفت فاطمة المرنيسي العديد من الكتب.
وبسبب خلفيات هذه الحركة ودوافعها تعرضت للإنتقاد من قبل الماركسيين لتقويضها للصراع الطبقي من خلال اهتمامها بقضايا المرأة، ومن قبل الإسلاميين لتجرأها على التشكيك في العقيدة الدينية، ومن قبل القوميين لاستيرادها فكرة النسوية من مصادر ثقافية أجنبية.
وألفت فاطمة المرنيسي العديد الكتب قامت فيه “بربط السياقات والأحداث التاريخية لنصوص القرآن والأحاديث النبوية، لتجادل بأن الكثير من العدائية المزعومة تجاه المرأة في النصوص الدينية قد تم فرضها في واقع الأمر من قبل الرجال الذين احتكروا تفسيرها في وقتٍ مبكر. كما ألفت كتابين آخرين يركزان على إظهار التوافق بين الإسلام وحقوق المرأة ومشاركتها السياسية، هما “سلطانات منسيات” و”الخوف من الحداثة: الإسلام والديمقراطية’ كما تقول زكية سليم، الأستاذة المشاركة في علم الاجتماع ودراسات المرأة والنوع الاجتماعي.
ولكن تبقى الآراء متضاربة حول هذه الحركات بسبب الحركات المتطرفة منها التي خرجت عن المغزى الحقيقي الذي هو الدفاع عن حقوق المرأة وجعلها تتبوأ مناصب سياسية لتصل بذلك إلى تشتيت الرأي ومحاولة التأثير على أفكار العديد من الأشخاص، وبذلك تشوهت صورة هذه الحركات النسوية وفقدت التعاطف الذي حصلت عليه في البدايات من طرف رجال الأعمال والساسة.
وبعض الحركات النسوة اتجهت إلى العنف في مواجهة رافضي الفكرة ومعارضيها في محاولة لفرض توجهاتهم ومبادئهم رغم أنها كانت متناقضة مع المجتمع العربي وتحولاته وأفكاره على اعتبار أنها حركة مستوردة من الغرب.
وهذا النقل عن الغرب وهذا التطرف ومحاولة فرض هذه الأفكار جعل متبني هذا الفكر يرون بأن كل من لا يؤمن بهذه المبادئ متخلفا ورجعيا وجعل من النساء محبات للخضوع، وبالتالي الابتعاد عن الهدف الرئيسي والأساسي وهو الدفاع عن حقوق المرأة.
وإن الحركات النسوية نتاج للواقع الاجتماعي الذي تواجهه المرأة العربية وأهمها التعليم، وبالتالي سواء اختلف الآراء أو اتفقت فإن هذه الحركات تبقى واقعا معيشا. ولكن التحدي ييتمثل في المرحلة ما بين الدفاع عن حقوق المرأة والوصول إليها.
تعليقات الزوار ( 0 )