قال عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب، إنّ تداعيات جائحة “كورونا”، تبلورت على شكل صدمتين، الأولى تجلت في الطلب نتيجة القيود المفروضة، والصدمة الثانية، في العرض الناتج عن اضطراب قوي في سلسلة التموين، وذلك بخلاف الأزمة المالية العلمية لسنة 2008، مما دفع ببنك المغرب إلى اتخاد عدد من الإجراءات لمجابهة الجائحة.
وأضاف والي بنك المغرب، خلال عرض، قدمه أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية في مجلس النواب، اليوم (الثلاثاء)، بخصوص السياسة النقدية وتأثير جائحة كورونا على الاقتصاد الوطني، أنّ الإجراءات التي اتخذها بنك المغرب، لاسيّما المتعلقة بالقطاع البنكي، حسب الأرقام المؤقتة لحصيلة التدابير كانت إيجابية من ناحية القروض البنكية الممنوحة في إطار صندوق الضمان المركزي إلى حدود نهاية أكتوبر 2020.
وأوضح الجواهري، أنه بالنسبة لمنتوج ضمان أوكسيجين، فقد كانت التمويلات في حدود 95 في المائة للقروض التشغيلية، وذلك بسعر لا يتعدى سعر الفائدة الرئيسي لبنك المغرب، زائد 200 نقطة أساس، بينما بلغ عدد المستفيدين 41142 مقاولة، بمبلغ مرصود بـ 16.5 مليار، 13.7 مليار ممنوحة.
القروض الممنوحة ونسبة المستفيدين
وبخصوص القروض الممنوحة في إطار برنامج انطلاقة، فقد استفاد منها حوالي 9443 شخص، أي بنسبة 86 في المائة منهم رجال، و14 في المائة نساء.
وبلغ عدد المستفيدين من برنامج ضمان إقلاع المقاوت وإقلاع المقاولات الصغرى جدا، وضمان إقلاع الفندقة ، حوالي 25103 مقاولة، بمبلغ مرصود وصل 30،3 مليار، وبمبلغ ممنوح بنسبة13،5 مليار، وذلك بنسبة 80 و95 في المائة، حسب حجم المقاولة بسعر لا يتعدى سعر الفائدة الرئيسي زائد 200 نقطة اساس.
وتابع المتحدث ذاته، أنّ عدد المستفيدين من برنامج المقاول الذاتي وصل إلى 2875، بمبلغ مرصود، وصل 33.7 مليون درهم وبمبلغ ممنوح في حدود 31.2 مليون، في ما يعادل 3 أشهر من رقم المعاملات مع سقف محدد في 15 ألف درهم في حدود 85 في المائة بدون فائدة.
أما فيما يتعلق بتأجيل الأسقاط البنكية بالنسبة للأسر، أبرزّ الجواهري أنه تم قبول ومعالجة 471 ألف طلب و742 طللب تأجيل مع نهاية شهر شتنبر من السنة الجارية، بينما سجل قطاع القروض الصغرى، 669300 طلب بنهاية غشت من هذه السنة.
أما بالنسبة للمقاولات، فقد تم قبول ومعالجة 32242 طلب بمبلغ إجمالي قدره 6.6 مليار لفائدة المقاولات الصغيرة جدا والمتوسطة بنسبة 86 في المائة للمقاولات الصغيرة، وحسب قطاع النشاط، فقد عمت عملية التأجيل على الخصوص قطاع التجارة الذي يمثل 13 في المائة، والنقل والاتصالات 13 في المائة، والصناعات 12 في المائة، ثم البناء والأشغال بنسبة 8 في المائة، والفنادق والمطاعم 3 في المائة، علاوة على إنشاء 1689 مقاولة، التي يتوقع أن تحدث 28 ألف منصب عمل.
السياق الوطني والتدابير التي اتخدها بنك المغرب لتجاوز الأزمة
وأشار الجواهري، إلى أنه وبعد رصد أول حالة إصابة بفيروس “كورونا” في شهر مارس، لم تتأخر السلطات لاتخاد مجموعة من التدابير الوقائية، بحيث عمدت إلى إغلاق الحدود، وجميع مؤسسات التعليم وبعض الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، كما منعت تنقل المسافرين بين المدن وأعلنت الحكومة بتاريخ 22 مارس عن حالة الطوارىء الصحية التي تم تمديدها عدة مرات، آخرها سيستمر إلى 10 دجنبر المقبل.
وشدد المتحدث ذاته، أنه وبالموازاة مع ذلك، تم فرض حجر صحي شامل ابتداء من 20 مارس، حيث شرعت الحكومة في رفعه تدريجيا في بعض المناطق ابتداء من 10 يونيو، مما مكن من احتواء الجائحة إلى حد ما، إلا أن الأشهر الأخيرة عرفت تسارعا مقلقا لانتشار الفيروس ما دفع السلطات الى إعادة تطبيق القيود على بعض الانشطة الاقتصادية والاجتماعية إضافة إلى ذلك، تظل الحدود مغلقة على العموم وهو ما أثر بشكل كبير على بعض القطاعات.
واسترسل الجواهري، أنه وإلى نهاية الأسبوع الماضي سجل المغرب ما يقرب من 325 ألف إصابة وأكثر من 5300 حالة وفاة، محتلا بذلك الرتبة 91 عالميا من حيث عدد الإصابات لكل مائة ألف نسمة، دون الأخد بعين الاعتبار عدد الاختبارات.
وكنتيجة لذلك، يضيف والي بنك المغرب، تم إقرار عدة تدابير لدعم الأسر والمقاولات وإنعاش الاقتصاد وفي هذا السياق، قامت السلطات بالتدخل من خلال ثلاث أدوات أساسية، تمثلت في إحداث صندوت لتدبير جائحة كورونا، ومكن هذا الصندوق من تعبئة 34،5 مليار درهم، إضاقة إلى مساهمة الخزينة العامة بقيمة 10 مليار درهم.
وأشار المتحدث ذاته، إلى أنه تم إحداث لجنة اليقظة الاقتصادية لتتبع تداعيات الفيروس وتحديد التدابير المواكبة اللازمة، وتم اعتماد قانون مالي تتمثل أولوياته في مواكبة الاستئناف التدريجي للاقتصاد والحفاظ على مناصب الشغل وتسريع تنفيذ اصلاح الإدارة.
السياق الدولي والتدابير المتخذة لتجاوز الأزمة
وفي السياق الدولي، أكد الجواهري أنه بخلاف الأزمة المالية الخانقة لسنة 2008 أزمة، فقد اجتاحت الأزمة الحالية العديد من البلدان في نفس الوقت، ولمواجهة هذه الوضعية لجأت السلطات إلى إرساء قيود لتنقلات الساكنة سواء على الأنشطة الاقتصادية أو الاجتماعية، رغم ذلك نشهد اليوم تسارعا في عدد الإصابات في العديد من الدول، لاسيما أمريكا وأوروبا، مما دفعها إلى إعادة فرض الحجر الصحي وتعليق العديد من الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.
وفي ظل هذه التطورات فإن الأزمة أفضت إلى إنعكاسات اقتصادية واجتماعية اسثنائية، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن تكلف هذه الأزمة الاقتصادية العالمية 11 ألف مليار دولار إلى نهاية 2021، أي ما يعادل مجموع الإنتاج السنوي لليابان وألمانيا وفرنسا مجتمعة، و28 ألف مليار دولار في أفق 2025.
وأضاف والي بنك المغرب، أنه وحسب توقعات البنك الدولي تكون قد دفعت الأزمة الراهنة الناتجة عن جائحة “كورونا”مع حلول سنة 2021 ما بين 110 مليون إلى 150 مليون شخص إلى الفقر حسب قياس 1،90 في اليوم لتسجل بذلك نسبة الفقر أول ارتفاع لها منذ عام 1988.
كما بلغ عدد الأطفال خارح الأقسام الدراسية في البلدان النامي إلى أكثر من 1،6 مليار طفل، بينما توقع البنك الدولي أن تتراجع تحويلات المهاجرين في العالم بنسبة 7،2 في المائة لهذه السنة و7،5 لسنة 2021.
من جانب آخر، رجحت منظمة العمل الدولية، أن يكون قد تم فقدان ما يعادل 4،9 مليون منصب شغل كامل الدوام خلال الفصل الثاني فقط من السنة الجارية، وذلك بالمقارنة مع الفصل الرابع من سنة 2019.
وأشار الجواهري، إلى منظمة السياحة العالمية تتوقع انخفاض عدد السياح الأجانب بنسبة 70 في المائة خلال ثمانية الأشهر الأولى من 2020، ما يعني خسارة 730 مليار دولار، ويرجح أن يتراجع هذا العدد بين 60و 89 في المائة من مجموع السنة ذاتها.
وتبقى الأفق المستقبيلة مقاسة بمستوى من الشكوك حيث تظل وثيرة الانتعاش الاقتصادي رهينة بتطور الجائحة وتوفر حل طبي، وإستعادة ثقة الفاعلين الاقتصاديين، وكذلك الساكنة، ثم مدة فعالية القيود والتدابير الهادفة إلى التخفيف من تأثير الجائحة.
تعليقات الزوار ( 0 )