كشفت منصة “ساحل إنتليجنس” الاستخباراتية في تقرير استقصائي حديث، عن تورّط الجزائر في لعب دور محوري كمنصّة خلفية لعمليات غسيل أموال إيرانية مرتبطة ببرنامج طهران النووي المثير للجدل.
وبحسب المعلومات التي وردت في التقرير المنشور بتاريخ 12 يونيو 2025، فإنّ الجزائر تحوّلت إلى “محور أساسي” ضمن منظومة معقّدة تُستخدم للتحايل على العقوبات الدولية المفروضة على إيران، من خلال تمرير أموال قادمة من طهران عبر شركات وهمية ومؤسسات اقتصادية ذات واجهات قانونية في الجزائر.
وتستند هذه الادعاءات إلى تقارير سرية صادرة عن جهات دولية مختصة بمكافحة تبييض الأموال، وتشير إلى أن شبكات إيرانية متخصصة تعمل عبر شركات “واجهة” تنشط في مجالات مختلفة، أبرزها الطاقة، والعقارات، والتجارة الدولية.
وتقوم هذه الكيانات بتحويل الأموال عبر طرق ملتوية تشمل فواتير وهمية، تحويلات مصرفية متسلسلة، وتوظيفات استراتيجية في مشاريع بنى تحتية وصناعات استخراجية جزائرية.
وتُظهر البيانات أنّ هذه الأموال لا تُستخدم فقط لغرض الاستثمار، بل يُعاد توجيهها إلى تمويل برامج إيرانية تخضع لمراقبة دولية صارمة، خاصة تلك المتعلقة بالتطوير النووي والأنشطة العسكرية.
ويثير وجود الجزائر ضمن هذه المنظومة قلقًا متزايدًا في الأوساط الغربية، ويضعها تحت مجهر الأجهزة الاستخباراتية والمالية العالمية، لا سيما بعد أن أعلنت إيران مؤخرًا أنها بصدد تشغيل منشأة ثالثة لتخصيب اليورانيوم، رغم تحذيرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي السياق ذاته، عبّر مسؤولون غربيون عن مخاوفهم من أن يؤدي استخدام أراضٍ تابعة لدول “طرف ثالث” في تمويل برامج محظورة إلى تقويض الجهود الدبلوماسية لاحتواء طموحات طهران النووية، وإلى فقدان الثقة في شركاء إقليميين يُفترض أن يلتزموا بالقرارات الدولية.
وبالنسبة للجزائر، فإنّ هذه الاتهامات تضع البلاد أمام مفترق طرق حرج: فبينما تسعى الحكومة الجزائرية إلى توطيد علاقاتها مع إيران في إطار تحالفات استراتيجية إقليمية، فإنّها تواجه الآن خطر التورّط في نزاعات دولية متشابكة، خصوصًا إذا ما تمّ إثبات مشاركتها – وإن بشكل غير مباشر – في خرق العقوبات الدولية.
من جهة أخرى، يهدّد هذا الوضع سمعة الجزائر الاقتصادية والسياسية، لا سيما في وقت تُحاول فيه جذب استثمارات أجنبية وتنشيط العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ويأتي التقرير في لحظة حرجة تشهد فيها المنطقة تصعيدًا متسارعًا. فقد لمّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى احتمال تنفيذ ضربة عسكرية تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، إذا فشلت الجهود الدبلوماسية الحالية في التوصل إلى اتفاق جديد مع طهران. ومع تصاعد الحديث عن ضربة محتملة، تصبح أي صلة مالية أو لوجستية بدول الجوار، كحال الجزائر، ذات حساسية بالغة.
وتكشف هذه المعطيات، إن صحت، عن جانب مظلم من العلاقات الإقليمية، حيث تتقاطع المصالح الجيوسياسية مع الشبكات المالية السرية، في تحدٍّ صارخ للقوانين الدولية. ومع تصاعد التوتر بين إيران والغرب، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستتمكن الجزائر من النأي بنفسها عن هذه الشبكة، أم أنّ صمتها سيُفسَّر كرضا ضمني قد يجرّها إلى مواجهة غير محسوبة؟
تعليقات الزوار ( 0 )