لا يختلف اثنان حول خطورة الحالة الوبائية ببلادنا، سيما مع الارتفاع المتزايد والمقلق لأعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد، وبما أننا أمام وباء عالمي غير مسبوق فان جميع مكونات المجتمع من أطباء، وممرضين، ممثلي السلطة المحلية ورجال الوقاية المدنية، وغيرهم…كل من موقعه وكل حسب جهده واستطاعته عملوا جاهدين منذ بداية ظهور الجائحة إلى حين كتابة هذه الأسطر على الحد من تداعياتها ، سواء بالعمل على الميدان أو باتخاذ حزمة من الاجراءات والقرارات من قبل السلطات، بعضها كان موفقا والبعض كان ارتجاليا، وقد لا أكون مبالغا إن قلت بأن بعضها كان يفتقد للحكمة والصواب، من هذه النقطة سأدخل مباشرة في صلب الموضوع. ففي بداية الموسم الدراسي لهذه السنة، وأمام الغموض الذي كان يكتنف كيفية تدبير عملية الدخول المدرسي ، ولما كانت كل السيناريوهات ممكنة، ومطروحة على الطاولة، كانت أعصاب المغاربة على أشدها، فقطاع التعليم من أشد المواضيع المؤرقة لأباء التلاميذ ودويهم.
في خضم هذه الأحداث خرجت الوزارة ببلاغ حمال أوجه، زاد الحائرين حيرة، والمترقبين دهشة، والغموض غموضا، ففي الوقت الذي انتظر الجميع حلا ينهي الخلاف رمت الوزارة الكرة في ملعب التلاميذ وأولياء أمورهم، ليدخلوا مجددا في دوامة من النقاشات المراطونية حول النمط الذي سيختارونه أتعليم حضوري أو عن بعد؟ أما الوزارة في شخص الوزير فقد برر موقف الوزارة بطرق لا يمكن وصفها إلا بالغامضة.
وكان من بين الإجراءات المنظمة للسنة الدراسية الجارية، احترام البروتكول الصحي، من تعقيم ونظافة مع احترام مسافة الأمان، وباعتبار أن الاكتظاظ من النقط السوداء التي تسعى الوزارة بحق على محاربتها، كان لزاما تحديث نمط التعليم بالتناوب لتقسيم الفصول الدراسية التي تتجاوز عشرون تلميذا إلى فوجين، بمعنى أن كل فوج سيستفيد من نصف الحصص بشكل حضوري والنصف الآخر تعليما ذاتيا، وهنا يكمن المشكل فإذا كان هذا النمط الأخير قد حقق بعض الأهداف في مستويات الثانوي التأهيلي، والسلك العالي وبدرجة أقل السلك الإعدادي. فإنه لاقى بالمقابل فشلا ذريعا على مستوى التعليم الابتدائي، لعدة اعتبارات منها:
انعدام الإمكانيات اللوجستيكية من هواتف ذكية لذى السواد الأعظم من التلاميذ وحتى إن وجدت فصبيب الأنترنت ضعيف خاصة في العالم القروي، بل ومنعدم في أحايين كثيرة. ولا داعي لشرح هذه العراقيل المملة التي يعرفها الصغير قبل الكبير.
وقد شدد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، السيد سعيد أمزازي في بداية هذا الموسم الدراسي الاستثنائي، على ضرورة الانخراط التام لجميع الأطر الإدارية والتربوية إلى مواكبة المتعلمين، والمتعلمات في الاستفادة من حصص التعلم الذاتي، وأشار بعدها في رسالة ثانية موجهة للتلاميذ والتلميذات إلى ضرورة الانخراط التام والفعلي لإنجاح هذه الصيغة الجديدة من الدروس كنمط يستوجب انجاحه تظافر الجهود.
من وجهة نظري كأستاذ أعتقد بأن التعليم الذاتي تواجهه عدة اكراهات يستحيل معها تنزيله على أرض الواقع، سيما إذا تعلق الأمر بمستويات التعليم الابتدائي. فأغلبية المتعلمين غير متمكنين أصلا من الحد الأدنى من الكفايات الأساسية المساعدة في فهم المقروء، واستيعابه، بل ويواجهون صعوبات في القراءة نفسها.
التعليم الذاتي ببساطة، لا يمكن أن يعطي أكله في الحين، فذلك يتطلب توفير الكراسات والكتب اللازمة، والتي تتوافق مع كل مستوى، وهذا يتطلب قطع أشواط طويلة. حينئذ نكون قادرين على خلق ثقافة القراءة، لتظهر النتائج الإيجابية على المدى المتوسط والبعيد، وهذا ما يعطينا الانطباع بأن أسلوب التناوب بين حصص التعليم الحضوري والذاتي، يواجه تقريبا نفس المشاكل والمعيقات التي واجهها التعليم عن بعد، وسببت في إفشاله. أما إذا كان القسم مشتركا مع التناوب فالأستاذ حينها يصبح كجندي بدون سلاح في حرب ضروس، ليستنجد بالدعاء كحل وحيد كي يختفي الوباء اللعين، وتعود الأمور لطبيعتها.
كلام في الصميم اخي الكريم
لا اعرف لماذا لا يتم إشراك الاستاذ في النقاش خاصة اساتذة العالم القروي حيث صلب المعاناة الحقيقية.. لكن مركز القرار فضل رفع القضية من جزئها الاخف و ترك أثقله على عاتق باقي الفاعلين التربويين الذين لا حول لهم و لا قوة..
مقال جميل.. تحيتي استاذ يونس.
تحياتي لكم أستاذ.
ا
في الصميم سي يونس