شارك المقال
  • تم النسخ

البيض لم يعد طعاما للفقراء

خبر صادم من منطقة الرحامنة – المنطقة التي يتم التسويق لها بمدينة المستقبل ، لقبولها ضمن مدن المعرفة – خبر اعتقال  امرأة عاملة بسبب  16 بيضة تتجاوز  قيمتها  12 درهما بقليل كان مؤلما ومؤثرا في الوقت ذاته بسبب قساوة افعل و شخصية المتسبب فيه المثيرة للجدل .

 الخبر كان غريبا و صادما،وحجم الصدمة كان مضاعفا حين علم ان صاحب وحدة الإنتاج هو برلماني المنطقة و المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة صاحب نظرية محاربة البيض و محاربة الهذر المدرسي و صاحب انجاز اكبر اومليطة في العالم و غير ها من الانجازات الاستثنائية .

حملة سخرية رافقت الحدث، لدرجة ان شبكات التواصل الاجتماعي كانت مكتظة بوقائع الحادثة، نشطاء حقوقيين قاموا بوقفة احتجاجية أمام مقر شركة البيض،واهداء زعيم البيض 1000 بيضة وهو ما يعني أنه ربح 984 بيضة ان قمنا بعملية احتساب الفرق بين المسروق و المهدى .

موجة  السخرية بسبب تصريحات غريبة ان البيض يساهم في محاربة الهذر المدرسي، وهو تصور غريب و مثير للسخرية في نظر المستهزئين ، وجه الغرابة يكمن  في غياب اية علاقة بين السبب والنتيجة، و بين البيض و الهذر الدراسي.

التفكير في الموضوع يقود الى خلاصة ان ما صرح به زعيم البيض صحيح، وان هناك هناك علاقة سببية بين البيض و الدراسة .

يكفي الرجوع الى تجربة أي طالب جامعي لمعرفة  العلاقة الحميمية بينه و بين البيض ،  فهي علاقة علاقة حضور دائم ، و تفاهم دائم ، انه الغذاء و الوجبة الاساسية  ليس فقط لقيمتها الغذائية المهمة ,  ولكن لقيمتها المالية المنخفضة ف العبارة الشهيرة (ب -م ) و التي تعني في قاموس طلبة الجامعة :  البيض و مطيشة و هي وجبة غذاء لا تتعدى قيمتها المالية خمسة دراهم تكفي لأربعة طلبة .

البيض صديق الطلبة و صديق البسطاء ،بدون البيض مااستطاع اغلب الطلبة اكمال مشوارهم الدراسي في ظل الهشاشة الاجتماعية و هزالة منحة  اقل ما يقال عنها انها محنة ، لذا كان لزاما  إجراء تقشف شديد بحيث لا تتعدى الوجبة الأساسية في اليوم 10 دراهم لأربعة أشخاص، من خلال أربع بيضات ونصف كيلو من الطماطم و خمس خبزات و ابريق شاي .

بلا شك البيض ساهم في محاربة الهذر المدرسي، و هو ما يجعل العلاقة القائمة بينه و بين البسطاء و الفقراء علاقة عميقة ومتجذرة.

وزارة التربية الوطنية و التعليم العالي مطالبة باعادة بناء الرؤية الاستراتيجية2015-2030 ، و الاستفادة من تصورات البيداغوجي مول البيض في تحسين الرؤية من أجل فعل مدرسي بلا هذر.

مشكلة بسيطة تظهر كلما حاولنا التعمق في الموضوع , ذلك  ان البيض هو طعام الفقراء للفقراء ، ولم يكن يوما صفقة ،  وإنما كان يباع على قارعة الطرق ،و في كل الامكنة والفضاءات التي يعيش فيها البسطاء . لكن ان يصبح للبيض زعيم و شبكة و حراس لحمايته, و كاميرات منتشرة في كل انحاء الشركة لمراقبة بيض الدجاج و انتاجية الدجاج و حتى عمال الدجاج ، كل من يقترب منه حتى لسد الرمق سيودع السجن و بلا رحمة ، فالأمر يوحي بتحولات عميقة مست جذور العلاقة بين البيض و الفقراء.

ربما أصبح له أصدقاء جدد ،حين يباع لأصحاب شركات الادوية و الحلويات و مستلزمات التجميل، لأن الربح اهم و اكبر من التاريخ و دعم البسطاء. 

   قيمة البيض امر اكيد ، بيل جيتس من أغنياء العالم وصاحب شركة مايكروسوفت انتبه إلى أهمية الدجاج و البيض في ضمان كرامة الفقراء، و ضمان عيشهم بشكل مستديم ، حين منح  لعائلات تعيش بأقل من دولارين فى اليوم بجنوب الصحراء الإفريقية 100000 دجاجة على اعتبار ان تربية الدواجن أفضل حل للخروج من الفقر ،مؤكدا في تصريح له  “لو أننى عشت فى فقر مدقع، لوددت تربية الدواجن” 

حسب غيتس أن تربية الدواجن سهلة وغير مكلفة، لأن الدجاج  غير مكلف و تربيته سهلة و مربحة حيث يتغذى عند الضرورة على ما يجده على الأرض.

خبر اعتقال امرأة بسبب 16 بيضة يضع ما قام به زعيم البيض في الإطار المقابل لموقف غيتس،فزعيم البيض يعتبر ان مهمة  الفقراء هي  جمع البيض و تصفيفه لكي تزداد أرباح الرجل و تتعاظم.

استحضار الموقفين المتعارضين : بيل غيتس الذي دعا إلى تربية الدجاج لإنتاج البيض من اجل كرامة الفقراء،رغم ان الرجل ليس كائنا سياسيا، وإنما مستثمر. و ان رهاناته الأساسية هي البحث عن الربح.  بالمقابل نجد شخص  سياسي و منتخب ينتمي الى حزب قيل انه جاء من اجل المواطن، وخدمة البسطاء ،وعونا لهم في وقت الشدة ،  يتخلى عن خطاباته و يسجن امراة بسبب  16 بيضة.

،بين من يتبرع باكثر من 100000 دجاجة لفائدة الفقراء و المعوزين ،و بين من يدخل امراة السجن بسبب 16 بيضة تنكشف الحقيقة الصادمة. ان من يحرق نفسه من اجل المال مؤهل لارتكاب كل الحماقات،وليس فقط سجن امراة قررت ان تسرق لكي تعيش 

ربما من سوء حظ المسجونة انها تعمل عند سياسي جعل من طعام الفقراء صفقة ، حيت منصبه و انتمائه منحه سلطة التطاول على البسطاء.

*أستاذ علم الاجتماع بجامعة ابن زهر أكادير 

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي