تعالت أصواتٌ مؤخراً تطالب الحكومة بوضع استراتيجية عاجلة، لإدماج الاقتصاد الموازي ضمن الرسمي، وفق أسس وخطط مدروسة لتعزيز معدلات النمو، وإحلال مبدأ تكافؤ الفرص والتنافس العادل بين كافة القطاعات.
ويطالب رجال الأعمال والشركات التي تعمل ضمن القطاع المنظم، بالإسراع في اعتماد خارطة طريقة واضحة المعالم لامتصاص السوق السوداء، لإحلال مبدأ تكافؤ الفرص والتنافس العادل بين كافة القطاعات
وتزايد قلق الخبراء في الآونة الأخيرة، من أن يؤدي نشاط السوق الموازية في المغرب إلى نتائج سلبية أكبر في زمن جائحة كورونا، بعد أن وجد العديد من العاملين فيه أنفسهم دون عمل، إثر فرض الحكومة لتدابير الحجر الصحي.
ويرى خبراء اقتصاديون أن الإجراءات الوقائية والاحترازية التي فرضتها السلطات المغربية، للحد من انتشار فيروس “كوفيد -19″، ساهمت في فقدان المزيد من فرص العمل، وزادت من تعميق المشاكل الاجتماعية، أبرزها ارتفاع معدلات البطالة، والتأثير على الفئات الأكثر هشاشة.
ويجمع خبراء مغاربة على أن الحكومة برئاسة سعدالدين العثماني، باتت مجبرة حالياً أكثر من أي وقت مضى على السير في هذا الخيار الذي يبدو أنه لا مفر منه، لكونه يشكل خمس الناتج المحلي الإجمالي للدولة.
وفي هذا الصدد، قال رضا الهمادي رئيس المرصد المغربي للسياسات العمومية، في تصريحات متفرقة، إن القطاع الموازي يشكل ضامنا قويا للاستقرار الاجتماعي، بامتصاصه لعدد كبير من العاطلين، وباعتباره قوة إنتاجية لا يستهان بها.
وكشف الهمادي أن ما يعاب على الاقتصاد الموازي، هو ابتعاده على أعين المراقبة، ويضيع على الدولة حوالي مليون مليار سنتيم سنويا من الضرائب، كما يشكل منافسة غير متكافئة مع القطاعات التي تنشط ضمن إطار الاقتصاد الرسمي.
من جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي مهدي فقير، أن نشاط القطاع الموازي مشكلة مزمنة ما زالت تراوح مكانها رغم الجهود الحثيثة من طرف الدولة، وقد تزيد مشاكله خلال الفترة المقبلة، مشيرا في ذات السياق إلى أنه رغم سلبياته الكثيرة على الاقتصاد المغربي، لكنه يبقى صمّام أمان مجتمعي وتعيش منه الآلاف من الأسر المغربية.
وقال فقير في تصريح لصحيفة “العرب”، إن النموذج التنموي ينبغي أن يضع ضمن أولوياته إيجاد حلول وبدائل شاملة من شأنها تنظيم القطاع على المستويات السوسيو ـ اقتصادية، تلعب خلالها الأحزاب والمجتمع المدني والمنظمات أدوارها.
وأضاف الخبير الاقتصادي، أن الاقتصاد الموازي يمتص بطالة العديد من الشباب المؤهل وغير المؤهل، ويساعد على الاستقرار الأسري، في الوقت الذي يشكل فيه تحديا اقتصادياً للسلطات، ممّا جعلها تخطط لاستيعابهم في إطار مشاريع صغيرة لها الصفة القانونية.
وتشيرُ دراسة حديثة نشرها الاتحاد العام لمقاولات المغرب، إلى أن الاقتصاد الموازي المغربي يمثل حوالي 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 10 بالمئة من صادرات البلاد، الأمر الذي يؤثر بشكل متفاوت على مختلف القطاعات الاقتصادية.
وتشير التقديرات إلى أن الاقتصاد الموازي يوفر حوالي 2.4 مليون فرصة عمل، تشكل 37 في المائة من العاملين بالبلاد، كما يمثل أكثر من 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب، ويشكل نحو 10 في المئة من واردات القطاع المهيكل ويؤثر بشكل متفاوت على مختلف القطاعات الاقتصادية، ويبقى بذلك مزودا كبيرا لسوق العمل.
وتراهن الدولة على تنظيم قطاع السوق الموازية كمحور أساسي من خلال البحث عن آليات وبدائل تمكن من إدماج القطاع في الدورة الاقتصادية المنظمة، لكبح تأثيراته السلبية على الاقتصاد الرسمي الوطني، ومن التدابير التي تود الحكومة الانخراط فيها لمواكبة القطاع الموازي، إدماج وحدات الإنتاج غير المهيكل في الاقتصاد الرسمي من خلال وضع إطار تنظيمي محفز، ودعم دخولها إلى الأسواق وبناء قدراتها.
تعليقات الزوار ( 0 )