في وقت تتعالى فيه صرخات القلق من مختلف فئات المجتمع حول تصاعد وتيرة الإدمان وتعاطي المخدرات، وخصوصًا الأقراص المهلوسة بين الشباب واليافعين، دقّ فريق التجمع الوطني للأحرار ناقوس الخطر من داخل قبة البرلمان، عبر سؤال كتابي وجهه النائب البرلماني إسماعيل الزيتوني إلى وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، مستفسرًا عن الاستراتيجية الحكومية لمواجهة هذه الظاهرة المتفاقمة.
هذا السؤال، الذي لم تتلقَّ المؤسسة التشريعية جوابًا عنه بعد، يُعيد إلى الواجهة مشهدًا مظلمًا من الواقع الاجتماعي المغربي، حيث تحوّلت بعض المؤسسات التعليمية والفضاءات العمومية إلى ساحات عنف وانفلات سلوكي، تدفع ضريبته الأسر، والمجتمع برمّته.
فظواهر العنف ضد الأصول، الانحراف السلوكي، التسرّب المدرسي، والجرائم المتزايدة، باتت تُنذر بانهيار قيم اجتماعية وتربوية لطالما شكّلت لبنة في بناء النسيج المجتمعي المغربي.
وبحسب ملاحظات الفاعلين الميدانيين، فإن انتشار الأقراص المهلوسة في صفوف تلاميذ الثانويات وبعض الإعداديات، بات أمرًا يوميًا مقلقًا، وسط غياب منظومات يقظة واستباق اجتماعي فعالة.
وما يزيد الطين بلّة هو أن أغلب هذه الأقراص، المعروفة بـ”القرقوبي”، تُروّج بأسعار زهيدة وفي محيط المؤسسات التعليمية، ما يجعلها في متناول حتى ذوي الدخل المحدود.
ويسائل السؤال البرلماني وزارة التضامن عن استراتيجيتها العملية والتوعوية، مستحضراً الدور الذي يفترض أن تلعبه الوزارة في دعم الأسر، تعزيز التربية على القيم، وتمكين الشباب من بدائل نفسية واجتماعية تُبعدهم عن الإدمان.
ويؤكد المراقبون، أن المشكل أعمق من أن يُحل ببرامج ظرفية أو حملات موسمية، بل يتطلب مقاربة متعددة الأبعاد تشمل التربية، الأمن، الصحة، والثقافة.
ومن داخل البرلمان، قال النائب إسماعيل الزيتوني:”إننا أمام أزمة مجتمعية حقيقية، تتطلب تعبئة وطنية شاملة، لأن التحديات المرتبطة بالإدمان لم تعد تقتصر على الجانب الصحي فقط، بل تهدد منظومتنا التربوية، تماسك أسرنا، وهويتنا الثقافية والقيمية.”
ورغم ذلك، لم يصدر عن الوزارة المعنية أي رد رسمي على هذا السؤال، ما يطرح تساؤلات حول جاهزية الحكومة للتفاعل مع ما يشبه “قنبلة اجتماعية موقوتة”، قد تنفجر في أي لحظة، إذا استمرت سياسة الصمت أو الحلول الترقيعية.
ومع ازدياد حالات العنف الناتج عن الإدمان في الأحياء الهامشية والمدن الكبرى، وتسجيل حالات اعتداءات دامية تورط فيها شباب تحت تأثير المهلوسات، بات التحرك العاجل أولوية وطنية.
تعليقات الزوار ( 0 )