شهدت عدد من المناطق بالمملكة، خلال الأيام القليلة الماضية، تساقطات مطرية مهمة، همت المدن الكبرى والقرى، والتي كشفت عن هشاشة البنيات التحتية، وفضحت الترقيعات التي قام بها المسؤولون عن التسيير، وكذا هشاشة البنيات وانعدامها بالعالم القروي الذي يعاني كلما هطلت تساقطات مطرية، حيث تغلق الطرق الوطنية و الجهوية والمحلية، ويسمع أنين الأسر التي فقدت أبناءها وأخرى انهارت منازلها التي بنيت بمحاذاة الوديان، و تعلن نيابات التعليم عن توقيف الدراسة بسبب النشرات الإنذارية للأرصاد الجوية.
ملعب تيزيرت و ذكرى ضحايا الفيضانات
لا أحد منا نسي أو لم يسمع بفاجعة تيزيرت نواحي تارودانت ‘’فاجعة ملعب الموت’’ كما يسميها كثيرون، أو ‘’الأربعاء الأسود’’ الذي حول احتفالية كروية إلى ذكرى مأساوية، نقشت في مخيلة أبناء البلدة و المغاربة، الذي مازالوا يتذكرون كيف تحول ملعب شيد بمحاذاة وادي إلى خراب ومقبرة جماعية لأشخاص بسطاء، بسبب الفيضانات التي شهدتها المنطقة، خلال أواخر شهر غشت من السنة الماضية، والتي جرفت أسوار الملعب و مستودع الملابس، الأخير الذي حول سطحه الى منصة شرفية لأعيان البلدة وشيوخها، منهم من استشهد و منهم من تم اجلاءه وبقيت ذكرى الموت والصراخ وتأبين الضحايا مرسومة في حياته.
وبعد مرور أزيد من سنة ونصف من الذكرى ‘’المشؤومة’’ وما لحقها من تضخيم إعلامي و بروباكاندا المسؤولين و السياسيين، تبخرت الوعود التي انتهت بمجرد توقف التساقطات المطرية و عودة الصحفيين المتابعين للحدث الى ديارهم، لتتبخر بعدها أحلام أبناء بلدة ‘’تزيرت’’ الذي كانوا يمنون النفس بالحصول على جزء صغير من تلك الوعود ‘’الضخمة’’ على حد تعبيرهم، و التي كان شأنها التخفيف و لو بشكل طفيف على معاناة الساكنة التي فقدت فلذات أكبادها..
وحسب مقاطع الفيديو والصور التي توصل بها منبرنا، فان عددا من مناطق سوس عرفت خلال اليوم الأخيرين، تسجيل أرقام كبيرة في مقاييس التساقطات المطرية، وما صاحب ذلك من انقطاع الطرق، وغرق أشخاص بوادي سوس، تم اجلائهم من قبل مروحيات الدرك الملكي، اضافة الى كون العديد من القرى معزولة بسبب الوديان وغياب للقناطر التي من شأنها التخفيف من معاناة الساكنة، خاصة وأن أغلب القرى تربطها بالأسواق الأسبوعية طرق و مسالك تمر منها الوديان.
الشباب القروي و معاناة الهامش
وفي سياق حديثنا عن ما يعيشه العالم القروي خلال الأزمة، قال ابراهيم أيت أحمد، رئيس منتدى الشباب القروي أنه ‘’مع كل فصل شتاء ممطر بغزارة يتجدد النقاش حول السبل الكفيلة للحد من معاناة الساكنة القروية مع هذا الفصل خصوصا إذا عرف أمطار غزيرة وعواصف ثلجية تؤدي إلى تراكم معاناة الساكنة التي تعاني في الأصل دون أية شتاء’’.
وأضاف أيت احمد أن ‘’أغلب الجماعات القروية تفتقر للبنى التحتية التي ستجعلها في منأى هذه المعاناة وخصوصا الشبكة الطرقية التي تساهم في فك العزلة و تؤدي أدوار مرافق عمومية أخرى كثيرة لم تصل بعد للعالم القروي كالتنقل للمستشفيات وللتسوق وللعمل، هنا لا يمكن أن نلوم الدولة ومؤسساتها المحلية والوطنية جراء مخلفات الأمطار الغزيرة لأن ذلك يعد من الاستثناءات فقط وليس بالطبيعي أو العادي، و في المقابل قد نلوم هذه المؤسسات وعلى رأسها الجماعات الترابية عن التأخر في ترميم وإصلاح ما دمرته المياه وجرفته الأودية خصوصا الطرق لفك العزلة عن المناطق المنكوبة. مضيفا ‘’لا يعقل أن تفتقد منطقة قروية للمستشفى وفي نفس الوقت تقطع عنها الطريق للوصول لأقرب مستوصف في المراكز الحضرية أو حتى القروية’’.
وأكد رئيس منتدى الشباب القروي في حديثها مع منبر بناصا، أن ‘’المطلوب من من الجماعات القروية الإسراع بفتح الطرق المسدودة خصوصا وأن أغلبها يتطلب فقط جرافة عادية دون بناء وترميم، كما يجب على كل جماعة قروية أن تتوفر على جرافة خاصة بها؛ إذ لا يعقل أن تعزل دواوير والجماعة لا تتوفر على جرافة وتنتظر متى تنتهي الجماعات المجاورة من فك عزلة دواويرها ليحين دورها كما هو الشأن مع جماعة تافنكولت بإقليم تارودانت’’.
تعليقات الزوار ( 0 )