مع اقتراب موعد 4 ماي المقبل الذي ضربته الحكومة الإيطالية لرفع حالة الطوارئ الصحية التي أعلنتها في كامل البلاد مع بداية شهر مارس الماضي نتيجة تفشي فيروس كورونا المستجد بدأت أنظار الإيطاليين ترنو إلى قصر كيجي بروما حيث يعكف رئيس الحكومة جوزيبي كونتي على إعداد مرسوم قانون “ما بعد كورونا”.
وإذا كان قرار فرض حالة الطوارئ الصحية بإيطاليا، بالرغم من المؤاخذات التي طالت الحكومة في ترددها بداية، لم بتطلب إلا بضعة أيام تعد على رؤوس الأصابع، يبدو أن عودة الإيطاليين إلى عاداتهم التي جبلوا عليها قبل كورونا سيتطلب أسابيعا قد تتحول إلى شهور في بعض القطاعات.
من جهته بدأ كونتي رئيس في تهيئة الرأي العام لما أسماه ب “الخروج التدريجي” من حالة الطوائ، موضحا في أكثر من مناسبة أنه “يستحيل أن يتم الخروج من حالة الطوارئ بين عشية وضحاها حتى لايتم تلاشي كل التضحيات التي قدمت إلى حدود الساعة”.
هذا ويتلخص مخطط الخروج من حالة الطوارئ الصحية المعلنة في إيطاليا منذ 9 مارس الماضي، وفق ما كشفت عنه وسائل الإعلام المحلية، عن رفع الحضر تدريجيا عن مختلف المجالات قد تكون البداية مع القطاعات الإنتاجية وفق تدابير وشروط جديدة فيما يخص الصحة والسلامة المهنية والتي تضمنها قانون جديد أصدره بداية الأسبوع الحالي مركز التأمين ضد حوادث الشغل (مؤسسة حكومية)، وقد يتبعها في الأسابيع المقبلة فتح أبواب المقاهي والمطاعم والتي ستخضع بدورها لشروط جديدة خاصة فيما يتعلق بعدد الأشخاص المسموح لهم بولوجها إذ على جميع هذه الفضاءات أن تلائم وضعيتها وفق الشروط الصحية الجديدة الهادفة للحد من انتشار فيروس كورونا سواء فيما يخص عدد العاملين بها أو الزبائن الذين يمكن لهم ولوجها، وكذلك فيما يخص وسائل النقل العمومي وخاصة الطائرات إذ من المتوقع أن يتم تقليص عدد الركاب بحوالي الثلث عما كان مرخصا له قبل تفشي فيروس كورونا.
وكذلك الشأن بالنسبة للمنافسات الرياضية خاصة “الكالتشو” (كرة القدم) الذي يشن أصحابه ضغطا قويا على الحكومة للسماح بعودة المنافسات ولو بأبواب مغلقة حتى يتم التخفيف من حجم الأزمة التي ضربت القطاع وإنقاذ الموسم بأقل الخسائر.
هذا فيما أصبح من المؤكد أن المدارس والجامعات الإيطالية لن تفتح أبوابها إلا في شتنبر المقبل مع السنة الدراسية الجديدة، فيما قامت الحكومة بإصدار مراسيم قوانين استثنائية تنقذ السنة الدراسية الحالية باعتماد الإمتحانات الشفوية في التقييم النهائي خاصة فيما يتعلق بالإختبار الموحد لشهادة الباكالوريا.
بينما سيكون أمام بعض القطاعات الجماهيرية خاصة السينما والمسرح ومختلف التجمعات الثقافية الإنتظار إلى غاية فصل الشتاء المقبل للتأكد من مدى السيطرة الكلية على تفشي فيروس كورونا المستجد، حتى يمكنها إعادة استئناف نشاطها من جديد.
ويشهد الرأي العام الإيطالي جدلا فيما يخص كيفية الخروج من حالة الطوارئ خاصة أمام التفاوت البين بين جهات البلاد من حيث نسبة تفشي الفيروس، ففي الوقت الذي لم تشهد العديد من الجهات خاصة بالجنوب إلا حالات جد محدودة وكلها حالات وافدة من الشمال، ما تزال الجهات الشمالية تشهد كل يوم تشخيص آلاف من الحالات الجديدة للمصابين بكورونا، وهو ما دفع بفينتشينسو دي لوكا رئيس جهة كامبانيا حيث تقع مدينة نابولي للتهديد بإغلاق الجهة في وجه القادمين من الشمال وهو ما يؤيده معظم رؤساء الجهات التي بقيت نسبيا في معزل عن تفشي الفيروس وسط ساكنتها، وبالمقابل سارع رئيس فينيتو الموبوءة إلى انتقاد موقف زملائه رؤساء الجات الجنوبية متهما إياهم ب”التخلي عن مساندة شمال البلاد في محنته”.
وبالموازاة مع الزخم الإعلامي والسياسي الذي تشهد إيطاليا لبحث كيفية الخروج من أزمة كورونا بدأت السلطات القضائية بدورها في فتح متابعات قانونية في حق بعض المسؤولين الصحيين خاصة بجهة لومبارديا الموبوءة التي شهدت لوحدها وفاة 12578 شخص من جراء إصابتهم بفيروس كورونا أي حوالي نصف ضحايا الفيروس بطامل إيطاليا، ولا يستبعد أن تصل هذه المتابعات القضائية إلى أعلى مستوى في حكومة الجهة التي يحكمها حزب الرابطة الذي يتزعمه وزير الداخلية السابق المثير للجدل ماتيو سالفيني الذي بنى الكثير من “أمجاده” السياسية على حساب حكمه لهذه الجهة وجهة فينيتو حيث تقع البندقية واللتان تعتبران بمثابة القلب الإقتصادي النابض لإيطالي، من قبل أن يأتي كورونا ويكشف وجه العجز الكبير الذي كانت منه الجهتين خاصة في مجال الصحة.
وأمام الإختلالات الكبيرة التي شهدها قطاع الصحة في جهة لومبارديا أثناء فترة حالة الطوارئ خاصة فيما يتعلق بمآوي المسنين التي أودت بحياة الآلاف من نزلائها بعدما تبين أن الجهة قامت بنقل مصابين بمرض كوفيد 19 الناجم عن فيروس كورونا إلى هذه المآوي دون اتخاذ الإحتياطات اللازمة، طالب بعض السياسيين من وسط الأغلبية الحكومة بالتدخل لوضع يدها على قطاع الصحة بتعيين مفوض لها ليشرف بصفة مباشرة على تسييره.
تعليقات الزوار ( 0 )