كان لافتاً لأي متتبع لكرة القدم، أن يخرج وليد الركراكي، مدرب المنتخب المغربي، بتصريحات قال في جزء منها، إن اللاعب أشرف حكيمي، سيكون قائد “أسود الأطلس” في كأس أمم إفريقيا المقبلة. المثير في الموضوع ليس كون حكيمي لا يستحق، بل لأن هذا التصريح يخفي خبراً صادماً يتعلق بحكيم زياش.
تصريح الركراكي يوحي بأن آخر الآمال بعودة زياش، إلى المنتخب المغربي قد تلاشت. فالكلام، وإن بدا عادياً، وبعيداً عن اللاعب، إذ إن موضوعه كان حكيمي، يخفي “تأكيداً” ضمنياً بأن اللاعب لن يعود إلى كتيبة “أسود الأطلس”، ليس بسبب مستواه الذي قد يتحسن (وقد لا يتحسن)، بل لوجود سبب آخر، قد يتضح مع مرور الوقت.
الركراكي قال في تصريحات لـ”RFI”، أشاد فيها باللاعب أشرف حكيمي، نجم باريس سان جيرمان، إن الأخير، “سيحمل شارة القيادة في كأس أمم إفريقيا المقبلة، نثق فيه، ونشتغل لتحويل ضغط تنظيم الكان لدافع قوي نحو التتويج”. تصريحات الناخب الوطني، وبالرغم من أنها ظاهريا لا ترجح كفة أي من الاحتمالين (سواء غياب زياش قائد المنتخب عن الكان أو حضوره)، إلا أن مضمونهاً، يُفهم منه أن حقبة زياش رفقة “أسود الأطلس”، قد انتهت.
ما يعزز هذا الاحتمال، هو أن سحب شارة القيادة من لاعب حاضر رفقة منتخب بلاده، كيف ما كان هذا المنتخب، أمر صعب جدا. وما يزيده صعوبة في حالة زياش، هي طبيعة شخصية اللاعب، إذ إن احتمال قبوله بحرمانه من شارة القيادة ومنحها لحكيمي، أمر يكاد يكون مستحيلاً، لأن الخطوة تمثل إهانة له، واستنقاصا منه، وهو ما لن يقبله، حتى وإن كلفه الأمر عدم تلبية الدعوة لـ”أسود الأطلس”، في حال تم استدعاؤه طبعاً.
وأنا هنا لا أنتقد الركراكي على استبعاد زياش في الفترة السابقة، بناء على مستوى اللاعب ومدى أحقيته بالعودة لـ”أسود الأطلس”، إذ إن من شاهد زياش في الشهور الماضية، سواء في آخر أسابيعه رفقة غلطة سراي التركي، أو في أول شهوره رفقة الدحيل القطري، لا يمكنه إلا أن يؤيد الناخب الوطني في قرار عدم استدعائه، خصوصا في ظل التنافسية الشديدة على المراكز التي يلعب فيها رفقة “أسود الأطلس”.
ولكن بغض النظر عن المستوى، فإن خروج الركراكي بهذا التصريح في هذا الوقت، أي قبل حوالي 7 شهور من كأس إفريقيا، يثير تكهنات بأن باب المنتخب قد أغلق نهائيا في وجه زياش، وأسباب القرار، لا علاقة لها بمستوى اللاعب، لأن الأخير يمكن أن يتحسن في الفترة المقبلة، وهو الأمر الذي لا يعلمه الناخب الوطني، لذا فإن القرار الطبيعي، هو أن يبقى الباب مفتوحاً إلى آخر لحظة، سيما وأن استعادة اللاعب لمستواه، ستكون إضافة لـ”أسود الأطلس”، وهو ما سبق لمدرب المنتخب المغربي أن أكده بنفسه في تصريح سابق.
وفي مارس الماضي، قال الركراكي، إن “زياش لاعب كبير، وهو لاعب مهم للمنتخب المغربي، لكن يجب أن يعود إلى جاهزيته السابقة. مع عودة زياش إلى مستواه سيعود للمنتخب المغربي، لأننا في حاجة ماسة إلى زياش”. هذا الكلام كان منطقياً، لكن ما صدر عن المدرب مؤخرا، يثير زوبعة من الأسئلة التي لا أجوبة لها إلى الآن، وفي مقدمتها: لماذا أُغلق باب المنتخب في وجه زياش؟
روى فان باستن، أسطورة كرة القدم الهولندية، في لقاء صحافي، أنه صُدم حين علم بقرار زياش اختيار المغرب على حساب هولندا سنة 2015، خصوصا وأنه يعرف مؤهلاته، بعدما كان قد أشرف على تدريبه في فئة الشباب بنادي هيرنفين. وقال فان باستن، إنه توجه مسرعاً إلى سيارته، وانتقل إلى منزل اللاعب لصفعه على هذه الخطوة، خصوصا وأنها جاءت تزامناً مع استدعائه لمنتخب هولندا.
قال فان باستن: “حينما التقيته صرخت فيه قائلًا: كيف يمكنك أن تكون غبيًا لدرجه اختيار اللعب مع المغرب وأنت في قائمة منتخب هولندا؟”، مضيفاً أن زياش، الذي كان يبلغ من العمر وقتها 19 سنة وأربعة أشهر، كان مقتنعاً تماماً بخطوته، مبرزاً: “بعدما تحدثت معه، أيقنت أن قراره لا رجعة فيه، أنا أعرف رأسه الصلب جيدًا. يومها قال لي إن اختيار المنتخب الوطني الذي تمثله لا يتم بالعقل بل بالقلب”.
ولم يستسغ الهولنديون قرار زياش، إذ ظلوا متابعين لكل كبيرة وصغيرة متعلقة به رفقة المنتخب المغربي، وحاولوا استغلال خلافاته مع المدربين، سواء خلال حقبة هيرفي رونار، أو فترة وحيد خليلوزيتش. في سنة 2017، وبعد استبعاد زياش من المنتخب، حاول صحافي يمثل قناة هولندية، التشفي فيه، وسأله: “المنتخب المغربي في الغابون، يشارك في كأس أفريقيا بعد طردك من صفوفه، لا شك أنك نادم على اختيار المغرب على حساب هولندا؟!”، ليرد زياش دون تردد، بعبارة ظلت خالدة: “هل أنت نادم لأن أمك هي أمك؟! المغرب أمي، ولا أحد يستطيع أن يختار أمه حتى يندم على ذلك”.
تعليقات الزوار ( 0 )