شارك المقال
  • تم النسخ

إلى أين يسير هذا الجيل؟ ….انتبهوا إنه يمضي للهاوية !

بدون تربية على المواطنة وحب الوطن  وبدون تعليم راقي يذكرنا بشعر الشعراء المرهفين الرومانسيين والحماسيين  كحافظ ابراهيم  وإيليا ابو ماضي ومخائيل نعيمة والمعري والمتنبي او شعر الساخرين كالشاعر المغربي شاعر الحمراء محمد بن ابراهيم وقصيدته المضحكة المطعم البلدي  أوشعر المحدثين كشعر  الشعراء العراقيين كمعروف الرصافي وقصيدته التراجيدية الباكية الام المرضعة.

لقيتها ليتني ما كنت ألقاها// تمشي وقد أثقل الإملاق ممشاها

أَثوابُها رثَّةٌ والرِّجْلُ حافيةٌ //والدمع تذْرفه في الخدِّ عيناها

بكت من الفقر فاحمرَّت مدامعها//واصفرَّ كالوَرْس من جوعٍ مُحياها

مات الذي كان يحميها ويسعدها// فالدهر من بعده بالفقر أشقاها.

  أو كشعر نازك الملائكة  أوبدر شاكر  السياب او محمود درويش وأحن الى قهوة امي وخبز امي وتكبر في الطفولة يوما على ظهر يوم  أو كالشاعر العراقي الفذ الجواهري  أو المصري  امل دنقل وقصيدة الموت الغرفة رقم 8  او روايات نجيب محفوظ كميرمار ، والحرافيش  واللص والكلاب ، وبداية ونهاية  وقصص يوسف ادريس أو وسادة عبد القدوس أو قنديل ام هاشم  والبوسطجي ليحي  حقي  أو افلام فتح مكة وصقر قريش  والرسالة   ومخرجي الفترة الذهبية كفيليني ومارتن سكور سيزي ،وفورد كابولا  أو  كصلاح أو سيف ويوسف شاهين والمصير ، وريا وسكينة ، وبدر خان وغيرهم وغيرهم كثير …..

  وبدون أساتذة كاساذتنا من جيل الثمانينات والتسيعنات من الذين كانوا يحثوننا على قراءة الكتب ويمدوننا بها أو يرشدوننا اليها حيث مكتبات المدارس  والجامعات أو المكتبات العمومية  مملوءة بالكتب والموسوعات حيث ادمنا  على قراءة العقاد وساعاته بين الكتب او أيام طه حسين   وكنا ونحن تلاميذ لا ندخل اقسامنا  حتى نقف متراصين  واحدا وراء واحد  ويد كل  منا على كتف الآخر  ، نقف دقيقة في ساحة المدرسة نرفع العلم المغربي في خشوع ونحن ننشد النشيد الوطني ، وفي المساء كانت  لنا حصة أمام التلفاز لا تتجاوز الساعة نتابع فيها  رسوما كارتونية رائعة تحكي قصصا عالمية كذات الشعر الاحمر وريمي والسندباد  وغرندايزر  ،والسنافر وغوليفر  في بلاد. الاقزام،

  كنا نفرح ونحن نصنع ألعابها من القصب  ومتخلفات  قنينات المواد الغذائية ،  كنا نقدس معلمينا ،  ونحترم الكبير والشيخ المسن ونحب مدينتنا أو قريتنا ، كان العالم آنذاك جميلا مملوءأ بالأحلام ، لكننا ومع الأسف اندحرنا الى الوراء ، وتسطح  واقعنا  تسطحا سورياليا ، عندما اكتسح الهاتف البيوت  واختفى الفن والذوق الجميل والرسامون الانطباعيون والتجريديون والتشكيليون والموسيقيون المغاربة والموسيقيين العالميين في سن  الشباب كنا نتذوق أم كلثوم وفريد الأطرش وعبد الحليم وعبد الوهاب  وبلخياط والدكالي  ونعشق فيروز، ومارسيل خليفة ونغني الاغاني الثورية  وغابت شمس الحق مع جوليا بطرس  كنا  شبابا، نحتفي بالسعادة وحب الحياة ، ونهتم بالسياسة على اصولها ، وأنتمى أغلب جيلنا الى الجمعيات والكشفيات، والاحزاب  وتربينا في الجموعات العامة والمؤتمرات ، وكل نشاطنا كان صادقا وطموحا  من أجل أن نرى إلى الأمام وكنا افظل واجمل وها نحن مع الأسف في الحضيض وهاهم فتياننا واطفالها لا يحفظون سطرا واحدا  من شعر أو. يقرأون ورقة من قصة أو رواية ونحن الذين كدنا نحفظ ماجدولين والفضيلة وفي سبيل التاج  وقصص أجاتا كريستي وثلاثيات مدن الملح  وادمنا كل خميس  مع المنشط والمقدم المثقف الرائع علي حسن واستمتعنا بافلام الويسترن والكوبوي من رعاة البقر. وليزانديان  وافلام  ألفرد هتشكوك ،  هاهم أبناؤنا  يختبؤون في زوايا المقاهي المظلمة ليدخنوا الشيشة  وقد أصبحت الاقراص المهلوسة تباع لهم أمام المدارس الابتدائية فشاعت جرائم، قتل فيها الأبناء امهاتهم واغتصب فيه الإخوة أخواتهم  ، الى اين نسير ، ونحن  نرى ونشاهد مشاهد مؤلمة غوغائية من شغب الملاعب  ينفجر فيها عنف لا معقول وغير مفهوم ولا مبرر  ، ويخرج فيها ذلك الوحش الكامن والكاسر  في اعماق شباب بلا عقل ، بلا  هدف أو غاية  .ما العمل ؟!!  هل نعاقبهم ونسجنهم او نتخلص منهم للابد  هل سيحل المشكل ، وقد ذكر ميشيل فوكو في كتابه ميلاد السجن ومؤسسات العقاب عن ان المجتمع دائما يفرز مجرميه، كما يفرز. الجسم اورامه السرطانية ، لا يكفي ان نجمع كل المجرمين ونلقي بهم في البحر ، نعم  لابد من العقاب وتطبيق القانون في حق المخربين وممارسي العنف والشغب ولكن لابد للدولة كذلك ان تتحمل مسؤوليتها عن تردي الأخلاق  بسبب الثقافة العامة السائدة لابد من الضبط وتجريم المظاهر الشائنة في وسائل التوصل الاجتماعي والميديا لابد من الحد من حرية التضبيع.والتكليخ والاغتناء السريع.

بدون معرفة وأخلاق وبدون  امل في المستقبل  يتحول أطفالنا الى آلات متوحشة مدمرة تحرق الاخضر  واليابس، وتخبأ  في داخل  عقلها الباطن عنفا خطيرا ينفجر  ويتحول مع الجماهير والجموع الى  رغبة لا واعية في  التعبير عن الرفض للواقع  بالكسر  والتحطيم والتخريب، إن ما حدث من شغب يدق ناقوس الخطر ،  ويسائلنا جميعا  لماذا تركنا أبناءنا للشارع وفي زوايا المنزل المظلمة مع الهاتف  واعتقدناانهم هادئين لأنهم لا يقلقوا راحتنا باللعب والقفز ، يجب ان تسائل الحكومات المتعاقبة عن الفشل في التربية والتعليم. والشغل والإدماج الاجتماعي ، ويسائل السياسيون  عن اختفائهم ولهثهم وراء تحقيق مصالحهم الشخصية ،دون اهتمام بالصالح العام وعدم  قيامهم  بدورهم التاريخي في التأثير  والتأطير.

ها نحن نعيش عصرا اسود من التخلف العلمي والأخلاقي الأكثرية من التلاميذ القاصرين والراشدين من جيل التسعينيات لا يعرفون شيئا  له أهمية لا يعرفون شخصا اسمه الرازي أو ابن سينا أو ابن رشد أو ابن عربي او  الجابري أو العروي أو ماركس أو نتشه أو كأنط ، أو شوبنهاور  أو برتراندرسل لا يفقهون شيئا عن الدين أو الفقه فهم لا يعرفون لا الطبري ولا  مالك أو الشافعي لا يعرفون لا فقها ولا أصولا ولا تفسير أو قرآنا ولا حديثا،

 بل انهم لا يعرفون فنا او  موسيقى  ،لا يسمعون لا بيتهوفن ولا موزارت ولا فيفالدي ولا تشايكوفسكي ولم يسمعوا بتشيخوف ولا ديستوفسكي  ولا تولستوي ولا كافكا ولا سارتر ، ولا تشي غيفارا  ولا انجلز ولا داروين ، ولا خالد ابن الوليد أو السيوطي أو الحلاج. انهم يعرفون امي نعيمة ، وحليوة ، ونزار وبيوتي دهاقنة العصر ومشهوري اليوتيوب انهم رموزهم. وشيوخهم ومعلميهم وملهميهم ، والدولة تتفرج في هذا الوضع الكارثي والمشرع صامت لا يتدخل باي تشريعات أو قوانين تحد من هذا المد الماسخ الفاضح الجارف ، والبركان قد أمسى  على وشك الانفجار ، وإذا وقع فإنه لن يبقي ولن يدر ، علينا جميعا ان نتكاثف قبل فوات الآوان و إلا سياتي وقت يقتحمون فيه علينا البيوت  وستكون  ثورة  الجهل ، ستكون ثورة الفوضى اللاخلاقة الماحقة الساحقة ، علينا أن نتعاون جميعا من اجل التفكير ، في وضع حد اخلاقي لهذه التفاهة ، ونفكر في  حلول معرفية وثقافية نستغل فيها المسارح والفن والموسيقى من أجل التربية الجمالية ، علينا أن نفكر  في مشروع  سياسي وطني مواطن هدفه مصلحة البلاد  والعباد ، نتحرر فيه من انانيتنا ومصالحنا الذاتية الضيقة ، الفاسدة. الراغبة في الخلاص والانعتاق الفردي بالاستقرار بالفيلات والسيارات. الفارهة ، والعطلات السياحية من فئات خمس نجوم ، علينا أن نفكر في المستقبل  مستقبل ابنائنا كي لا يكون مستقبلا مظلما سوداويا ، يجب ان نجعلهم  يعرفون الملاحم  ملاحم. اليونان والهند والسند  والشهامة والالياذة  والماهيانا  وملاحم  معارك التحرر. المغربي من ريفة الاستعمار. وتضحيات المناضلين  حتى يتمكنوا  من معرفة التاريخ الحقيقي وحتى يعتزوا بآبائهم. واجدادهم من   الرجال النشامى الشجعان كيوسف ابن تاشفين او يعقوب المنصور  والسيدة الحرة ، وطارق ابن زياد. ومحمد الخامس  وغيرهم. كثير ملأوا سجل هذا الوطن بالبطولات التي كتبت بمداد من ذهب.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي