Share
  • Link copied

إقالة الجنرال أولحاج تكشف تصدعات في المنظومة الأمنية الجزائرية: صراع رؤى أم محاولة لتكميم الأصوات داخل المؤسسة العسكرية؟

في خطوة مفاجئة تحمل أبعادًا تتجاوز التعيينات العسكرية الروتينية، أعلنت الجزائر عن إقالة الجنرال علي يحيى أولحاج من قيادة الدرك الوطني، ليخلفه في المنصب الجنرال سيد أحمد بورمانة.

غير أن تسريبات حصلت عليها صحيفة Sahel Intelligence تشير إلى أن هذا القرار لم يكن إداريًا فحسب، بل جاء نتيجة لصراع داخلي حاد حول كيفية تدبير الملفات الأمنية الحساسة في البلاد.

وتشير المعطيات المسربة إلى أن أولحاج وجّه عدة مذكرات سرية مباشرة إلى الرئيس عبد المجيد تبون، وإلى رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق سعيد شنقريحة. تناولت هذه التقارير ثلاث مناطق توصف بـ”الهشة أمنيًا”: منطقة القبائل، الجنوب الجزائري، ومخيمات تندوف.

وفيما يخص منطقة القبائل، اقترح أولحاج تخفيض الحضور العسكري تدريجيًا، معتبرًا أن الإفراط في التواجد الأمني يعمّق فجوة الثقة بين الدولة والمجتمع المحلي، ويُغذي السرديات الانفصالية.

أما عن مخيمات تندوف، التي تسيطر عليها جبهة البوليساريو، فقد وجّه تحذيرًا واضحًا من تصاعد الاحتقان الداخلي في صفوف السكان الصحراويين الذين يعيشون أوضاعًا اجتماعية متدهورة، وتعبّر أغلبيتهم عن رغبتها في الخروج من المخيمات.

وندد أولحاج بـ”ردود فعل مفرطة” من بعض عناصر البوليساريو في مواجهة هذه المطالب، معتبرًا أن استمرار الوضع دون معالجة ينذر بانفجار وشيك.

وفيما يتعلق بـالجنوب الجزائري، أثار الجنرال قضية الاعتقالات التعسفية التي تقوم بها بعض الوحدات العسكرية في إطار عمليات مكافحة التهريب والجريمة المنظمة، داعيًا إلى مراجعة السلوك الأمني تجاه السكان المحليين، حتى لا يتحول الاحتقان الاجتماعي إلى بؤرة عنف محتملة.

وتكشف قراءة هذه التطورات في سياقها العام أن إقالة الجنرال علي يحيى أولحاج ليست مجرد حركة في صفوف القيادة العسكرية، بل تعكس خلافًا عميقًا داخل المؤسسة الأمنية حول سبل التعاطي مع الملفات المتفجرة في الهامش الجزائري.

وفي نظام سياسي وأمني شديد المركزية كالجزائر، لا يُنظر إلى تقارير بهذا الحجم باعتبارها “ملاحظات مهنية”، بل تُفهم غالبًا كنوع من التحدي أو الانتقاد الداخلي لخط التسيير الرسمي.

ومن هذا المنطلق، يبدو أن إحالة أولحاج كانت عقابية بامتياز، ورسالة مبطنة لكل من تسوّل له نفسه الخروج عن الخط العام الذي يقرره مركز القرار العسكري.

وتسلط الإشارات التي حملتها مذكرات أولحاج الضوء على أزمة الثقة بين السلطات الأمنية والمجتمعات المحلية في مناطق بعيدة عن مركز الحكم.

كما تطرح تساؤلات حول مدى قدرة المؤسسة العسكرية الجزائرية على الانخراط في مقاربة أمنية جديدة، أكثر تواصلاً وأقل عسكرة، خاصة في ظل تحولات جيوسياسية متسارعة في منطقة الساحل واشتداد المنافسة الإقليمية.

وفي الوقت الذي يبدو فيه الجيش الجزائري متماسكًا ظاهريًا، فإن هذه التسريبات تؤشر إلى اهتزاز داخلي محتمل، تُغذّيه التوترات الاجتماعية، والفقر، وتراجع الثقة في النخب السياسية، ناهيك عن التحديات الأمنية العابرة للحدود.

واستنادا إلى المصادر ذاتها، فإن هذه ليست أول مرة تُقال فيها شخصية عسكرية بارزة بسبب مواقف أو تقارير تُعد “حساسة”، لكن حالة الجنرال علي يحيى أولحاج مختلفة، لأنها تكشف عن صراع حقيقي بين نهجين داخل الدولة الجزائرية: نهج الحسم الأمني، ونهج الانفتاح والتدرج في معالجة الأزمات.

Share
  • Link copied
المقال التالي