شارك المقال
  • تم النسخ

إصدار جماعي يقارب أهمية الرحلة في كتابة التاريخ المغربي ويناقش تداخلاتها

صدر حديثا مؤلف جماعي يلقي الضوء عن دور المتن الرحلي في كتابة التاريخ المغربي ويسائل تداخل المجالين المعرفيين. تضمن الإصدار الذي ظهر لأول مرة في المعرض الدولي للنشر والكتاب الجاري تنظيمه بالدار البيضاء، مطارحات فكرية ومشاركات بثلاث لغات وهي العربية والفرنسية والإنجليزية لأساتذة وباحثين من المغرب والجزائر وتونس وإيران.

يقع المؤلف، وهو من جزئين في أزيد من 650 صفحة، ويضم 3 محاور كبرى انضوت تحتها 25 مشاركة قاربت موضوع الكتاب من زوايا الأدب والثوثيق والدين والإعلام، ممددة الإطار الزمني للمقاربة من التاريخ القديم إلى الحديث، جاعلة الإطار المكاني الأبرز هو المغرب مع إطلالات على مجالات أخرى كمصر والجزائر وأوربا.

إلى ذلك جاء عنوان المحور الأول للكتاب تحت عنوان “تقاطعات التاريخ وأدب الرحلة” ثاويا أسفله مواضيع لباحثين مغاربة وجزائريين. تعرض الأستاذ عبد النبي ذاكر للعلاقة المعقدة والمتشابكة والشائكة بين التاريخ والرحلة وملابسات هذه العلاقات، وخلص بفضل تخصصه في المتن الرحلي إلى أن الرحلة تغدو في أحايين كثيرة وثيقة جغرافية وتاريخية لا غنى عنها للمؤرخ.

أما الدكتور عيسى بخثي المدرس بالمركز الجامعي بلحاج بوشعيب بالجزائر فتصدى لـ”جدل الأدب والتاريخ في محكيات الرحلة” أين ومتى تبدأ الرحلة؟ ومتى نتحدث عن التاريخ في المتن الرحلي؟ وانتهى إلى أن “الرحلة لا تخرج عن كونها رصيدا جامعا بين المعرفي (التاريخي) والفني (الأدبي)”.

فضل الباحث عبد اللطيف الركيك العودة إلى الرحلات القرطاجية إلى افريقيا وأوربا ليبحث تأرجحها بين الوقائع التاريخية والإضافات الأدبية”. أما علي بن عبد الله الاستاذ بجامعة منستير بتونس فركن إلى البحث في رحلة المتصوف “التجاني” ليناقش الرحلة “كذريعة للتأريخ”. وقدم محمد بن ساعو الأستاذ بجامعة سطيف2 محاولة للبحث عن رهانات التجديد في النص الرحلي ودوره في تأريخ التجارة بالمغرب الإسلامي. بينما اشتغل عمر بوخاري الأستاذ بجامعة بن خلدون بالجزائر على إبرزا القيمة الوثائقية للنص الرحلي من خلال “رحلة العبدري”.

حمل المؤلَّف في المحور الثاني الموسوم بـ”النص الرحلي: الأبعاد العلمية والتواصل الحضاري” تسع مداخلات، تشابكت أربع منها في رصد الرحلة الحجية نحو الحجاز، باحثة في موسوعية التكوين العلمي لدى الرحالة، والعلاقات الدينية التي ميزت مجالات الرحلة، وما شكلته هذه الأخيرة من آلية للتواصل بين حواضر المغرب وصحرائه، وتجليات هذا التواصل العلمي بين الجزائر والمشرق مثلا.

انزاحت المساهمتين العلميتين  قبل الأخيرتين في هذا المحور نحو دراسة الرحلة إلى أوربا ومناقشة تأرجح الرحالة بين هويته وانفتاحه على الغير في المجال المزار، وما طفحت به هذه الرحلة من أوصاف للآخر.

أما المداخليتن الأخيريين (حسب ترتيبها في فهرس الكتاب) فجاءتا باللغتين الإنجليزية والفرنسية، الأولى لباحثين مغربيين عرضت لتجربة ومغامرات الأسير توماس بلاو”، والثانية للجزائري أولاد علي زينب تطرقت لموضوع “أدب الرحلة : مكان تشكل وتفكيك المخيال االثقافي الأوربي”.

حوى الجزء الثاني من الكتاب الجماعي أعمال مختلفة اندرجت تحت عنوان المحور الثالث المعنون بـ”كتب الرحلات مصدا للكتابة التاريخية :قضايا ونماذج” جاءت المواضيع العلمية الإحدى عشر باسطة لنماذج من الرحلات من وإلى المغرب، ومبرزة لصور مجتمعية من خلال متن الرحلة. عرض محمد لطيف الأستاذ  بجامعة ابن زهر “صورة المرأة في مرآة الرحالة المغاربة خلال العصر الوسيط” وناقش عبد السلام الجعماطي مسألة استثمار نصوص الرحلة في كتابة تاريخ المغرب الحديث” أم لطيفة شراس فعرضت صورة الدولة العثمانية من خلال رحلة “التمكورتي” وأبو القاسم الزياني”، هذا السفير الأخير الذي زار الأستانة عام 1786م كان سياق ودلالات رحلته موضع مداخلة عمر لمغيبشي الاستاذ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.

ناقشت التدخلات الأخرى أهمية المعلومات التي توفرها الرحلات الأوربية خاصة في القرن التاسع عشر وما تتيحه سردياتها من إمكانية تجميع صورة تاريخية للمغرب والمغاربة أقرب إلى الواقع. أما الباحث الإيراني سيد كمال رضوي، فتتبع تأثير إحدى المجلات المتخصصة في الأسفار على حملة نابليون بونابرت على مصر.

يذكران الكتاب هو أعمال أيام فكرية كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير حول موضوع “الرحلة والتاريخ”  منذ ما يقارب السنتين.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي