في ظرف وجيز لا يتجاوز أربعة أشهر فقط، نجح المغرب في تحقيق إنجاز اقتصادي لافت تمثل في تجاوز صادراته من المواد المرتبطة بالصناعات الجوية لحاجز 908 ملايين يورو، وفقًا لما كشفته الصحافة الاقتصادية الإسبانية اعتمادًا على آخر بيانات مكتب الصرف المغربي.
ويمثل هذا الرقم ارتفاعًا بنسبة 14% مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، ويؤكد الدينامية المتصاعدة التي يشهدها هذا القطاع الصناعي المتقدم داخل المملكة.
ويعكس هذا الأداء المتميز المكانة المتنامية للمغرب كمنصة صناعية وتصديرية في مجال الطيران، وهو قطاع استراتيجي راهنت عليه المملكة ضمن سياساتها الصناعية الحديثة، مدعومًا ببنية تحتية متطورة، وشراكات مع كبار المصنعين الدوليين مثل بوينغ وإيرباص، إضافة إلى الاستقرار السياسي والانفتاح الاقتصادي الذي تنعم به البلاد.
وأوضحت النشرة الشهرية لمكتب الصرف أن هذا النمو يعود أساسًا إلى الزيادة الملحوظة في مبيعات وحدات التجميع بنسبة 15.3%، ونمو صادرات أنظمة الأسلاك الكهربائية (EWIS) بنسبة 11.8%، وهي مكونات رئيسية في صناعة هياكل الطائرات، تُصنّع اليوم في مدن مغربية كالقنيطرة، والنواصر، وطنجة.
ولا يقتصر التطور التصديري للمغرب على قطاع الطيران فحسب، بل شمل أيضًا الفوسفات ومشتقاته، التي عرفت بدورها نموًا بنسبة 12.3%، مستفيدة من استمرار الطلب العالمي على الأسمدة، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية والتغيرات المناخية التي فرضت على العديد من الدول تعزيز أمنها الغذائي.
وسجلت النشرة أيضًا ارتفاعًا بنسبة 15.7% في صادرات المنتجات المعدنية الأخرى، إلى جانب زيادة بنسبة 15.9% في الصناعات الأخرى، ما يعكس تنوع القاعدة التصديرية المغربية وتوجهها نحو قطاعات أكثر قدرة على الصمود في وجه التقلبات الاقتصادية العالمية.
لكن، ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، شهدت بعض القطاعات التقليدية تراجعًا في صادراتها، حيث انخفضت مبيعات قطاع السيارات والمعدات الكهربائية والإلكترونية بنسبة 7%، وهو تراجع يُرجعه المتخصصون إلى انخفاض الطلب في السوق الأوروبية، خاصة في ظل تباطؤ وتيرة الانتعاش الاقتصادي هناك وارتفاع تكاليف النقل والإنتاج.
وفي المجمل، تؤكد هذه الأرقام أن المغرب يتقدم بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانته كمركز صناعي إفريقي ودولي، قادر على الاندماج في سلاسل القيمة العالمية، معتمدًا على تنويع صادراته، واستثمار متواصل في الابتكار والتكنولوجيا، ورؤية استراتيجية تروم خلق اقتصاد أكثر تنافسية واستدامة.
وفي انتظار صدور الأرقام الخاصة بالنصف الأول من العام، يتوقع مراقبون أن يستمر هذا الزخم الإيجابي، خاصة مع عودة الاستثمارات الأجنبية وتوسع المصانع في الأقاليم الصناعية الكبرى، مما يجعل من 2025 عامًا مفصليًا في مسار تحول الاقتصاد المغربي نحو قطاعات ذات قيمة مضافة عالية.
تعليقات الزوار ( 0 )