قال عثمان الزياني، الأستاذ الباحث في القانون العام والعلوم السياسية بجامعة محمد الأول، وجدة، إن رد حزب العدالة والتنمية حول القاسم الانتخابي كان منتظرا وطبيعيا إلى حد كبير، كونه سلوك يتناغم مع تخوفات دفينة وظاهرة أصبحت تؤطر سلوكه السياسي سواء في علاقته مع القصر ومحيطه، أو في علاقته مع الأحزاب السياسية رغم ما يشوبها من ازدواجية في بعض الأحيان خصوصا ما راج مؤخرا عن نيته في تقليص حجم تغطيته للدوائر الانتخابية.
وأضاف الأستاذ الباحث في اتصال بجريدة “بناصا”، أن تاريخ الحزب من داخل قيادته للتدبير الحكومي حافل بنهجه لنوع من المظلومية و تبنيه معطى تعرضه المستمر للتحكم والمؤامرة، أو ما كان يصطلح عليه رئيس الحكومة السابق السيد عبد الإله بنكيران “التماسيح والعفاريت”.
وأكد عثمان الزياني، على أن الحزب مع توالي انتصاراته الانتخابية وتبوئه الصدارة أصبح محكوم بفروض نزعة السمو والتفوق على باقي الأحزاب السياسية الأخرى، لافتا إلى أن هذا التوجه يحفز لديه رفض كل تغيير أو تعديل تقنوي في العملية الانتخابية، كما هو الشأن مع رفضه لاحتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية، وليس على أساس احتساب الأصوات الصحيحة.
وتابع،:”وهذا الأمر حتى وان كان مسالة مشروعة بالنسبة للحزب ويندرج ضمن أدبيات الصراع السياسي والانتخابي المشروع، إلا أن تركيز الحزب على هذه النقطة بالذات أي اختزال إشكالية الإصلاح الانتخابي بصفة عامة في القاسم الانتخابي وعدم إثارة مختلف القضايا الشائكة التي تؤرق العملية الانتخابية بدرجة أولى، وهي تعتبر الإشكال من قبيل تأهيل العمل الحزبي وكيفية ضمان استقلالية الأحزاب السياسية و العزوف السياسي والانتخابي وضمان التنافس الانتخابي الحقيقي”.
ولفت الأستاذ الباحث في القانون العام والعلوم السياسية بجامعة محمد الأول، وجدة، إلى أن ما يقوم به “البيجيدي”، يدل على أنه يبني ردود أفعاله على نزعته البراغماتية الضيقة، وينخرط في نقاشات قد تكون عقيمة أو من شانها أن تحرف النقاش الحقيقي والمطلوب حول العملية الانتخابية برمتها، رغم التأثيرات التي يحملها تغيير احتساب القاسم الانتخابي على النتائج والخريطة السياسية بصفة عامة، وحتى إن كانت هناك سلطوية انتخابية ضاغطة وقاهرة، تحاول صناعة الخريطة الانتخابية بصورة مسبقة والتحكم فيها.
وأوضح عثمان الزياني، على أن حزب العدالة والتنمية يتصرف وفق فروض عقيدة الحزب المنتصر المهيمن ، وهذا الأمر قد يجعله مستقبلا لا يقبل بأي عملية إصلاحية قد تؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى تقزيم فوزه الانتخابي، حتى وان كانت هذه الإصلاحات قد تؤدي إلى عقلنة وترشيد العملية الانتخابية .
وأشار أستاذ القانون العام، إلى أن الأمر المتعلق بالقاسم الانتخابي يمكن أيضا أن يندرج ضمن الاستراتيجيات التي يوظفها الحزب في حشد صفوفه وقواعده غداة قرب الاستحقاقات الانتخابية، اشتغالا بمنطق وجود مؤامرة على الحزب، وهذه الإستراتيجية سبق أن أثبتت إلى حد كبير نجاعتها في رص صفوف الحزب وقواه التي قد يكون شتتها وأنهكها التدبير الحكومي بمختلف اكراهاته وضغوطاته.
ويتوقع عثمان الزياني، استعمال حزب “المصباح” لخطاب المظلومية، إذ سيتكرر خطابه كثيرا مع قرب الاستحقاقات الانتخابية مع العمل على واجهات أخرى ،والتي ستشكل زاد يمكن أن يقوي من شوكة الحزب في الاستحقاقات المقبلة بعدما تسرب إلى الحزب نوع من الوهن بفعل قيادة العمل الحكومي.
وقال الأستاذ الباحث في القانون العام والعلوم السياسية، إن حزب العدالة والتنمية باعتباره حزب يحظى بالأغلبية البرلمانية والقيادة الحكومية مطلوب منه بدرجة أولى الانخراط في مقاربة شمولية للإصلاح الانتخابي، بدل التعامل مع مدخلات العملية الانتخابية بنوع من الانتقائية، خصوصا من خلال التركيز فقط على الأمور التي يرى أنها يمكن أن تكون محط استهدافه كحزب ،و مناط استهداف قوته الانتخابية.
وشدد على أنه يجب على حزب العدالة والتنمية وباقي الأحزاب الأخرى الانسلاخ عن هذه النظرة الضيقة التي تختزل الفعل الحزبي الانتخابي في تحقيق هدف الكسب الانتخابي الكمي، أي ربط الإصلاح دائما بنطاقه الضيق، وهو مقدار المقاعد المحصل عليها لكل حزب والتي تعبد الطريق نحو حصاد المناصب الوزارية، بدل التركيز على حكامة العملية الانتخابية برمتها، وبالشكل الذي يسند ويدعم الانتقال الديمقراطي الحقيقي.
تعليقات الزوار ( 0 )