شارك المقال
  • تم النسخ

أكاديميون مغاربة يناقشون المسألة الليبية في ضوء التطورات الراهنة

شهدت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أيت ملول، التابعة لجامعة ابن زهر، في الأول من شهر يوليوز الجاري، تنظيم فريق البحث حول السياسات والمعايير التابع لمختبر الدراسات القانونية والاجتماعية والقضائية والبيئية، للّقاء الأول للموعد الدولي تحت عنوان “المسألة الليبية في ضوء التطورات الراهنة”، وعرف مشاركة كل من محمد لكريني وآمال الحواسني وحكيم التوزاني، أساتذة القانون الدولي بالكلية المحتضنة، إلى جانب رحيم الطور عميد الكلية، وموسى عبد الحفيظ القنيدي، أستاذ القانون الدولي بكلية القانون بجامعة مصراتة بليبيا، وبتسيير من سعيد همامون، أستاذ القانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان بالكلية المنظمة.

وناقش المحور الأول من اللقاء، “المسألة الليبية وسؤال الشرعية الدولية من وجهة نظر القانون الدولي”، حيث شهد كلمة لأستاذ القانون الدولي بكلية القانون بجامعة مصراتة بيليبيا، الدكتور موسى عبد الحفيظ القنيدي، تطرق فيها لقرارات الأمم المتحدة، التي تكتسب الشرعية الدولية، موضحا بأن التدخل العسكري الذي تم في ليبيا، جاء محترما لقراراتها (أي الأمم المتحدة)، وكان الهدف منهم حماية المدنيين، و”لم يكن يُتوقع أن يساهم في تفاقم الأزمة وإثارة المزيد من الاقسامات في غياب مؤسسات شرعية حاكمة”.

وعرج اللقاء في محوره الثاني، على “مرجعيات التسوية، وسياقات التدويل”، حيث أكد المتدخلون على أن اتفاق الصخيرات “مازال يشكل إطارا مرجعيا بحكم أنه هو الذي يمنح الشرعية لحكومة الوفاق الوطني إلى غايو يومنا هذا”، مشرين إلى أن “الاتفاق كان محل إجماع عموم الليبيين سواء كانوا أكاديميين أو غيرهم”، متطرقين إلى الصعوبات التي واجهتها حكومة الوفاق من طرف بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن، أو في المنظومة الدوليةن والمنحازة للواء المتقاعد خليفة حفتر، بهدف الإجهاز على اتفاق الصخيرات، على الرغم من “الشرعية التي يكتسيها في قرارات مجلس الأمن”.

وشدد المتدخلون في المحور الثاني، على أن اتفاق الصخيرات، هو “الأداة الوحيدة لإحياء العملية السياسية، وأي إسقاط له سيُدخل البلاد في حرب أهلية قد يتجاوز مداها الحدود الحدود الليبية، ولهذا السبب لا يتحدث مجلس الأمن عن إلغاء اتفاق الصخيرات لعلمه بأهميته”.

وأكد المتدخلون، بأن الحل الليبي-الليبي بات غير ممكن حاليا، بالنظر إلى الدعم الخارجي الذي يخظى به كل طرف من أطراف النزاع، لدرجة أن بعض الدول “تتدخل من أجل إفشال كل بوادر الحلول من خلال التأثير على طرف ليبي ما”، مشيرين إلى أن الحل في ليبيا صار بيد مجلس الأمن، “وقراراته الملزمة والمقرونة بالقوة العسكرية في حالة تخلف أحد الأطراف”.

ونبه المتدخلون إلى أن الجامعة العربية لم تعد تلعب دورا فعالا، وباتت فاقدة لأي إمكانية للتأثير في التسوية، نظرا لأنها “لم تكن محايدة، الأمر الذي أفقدها ثقة الطرف الآخر”، أما بخصوص اتحاد المغرب العربي، فلم يكن له ايضا أي تأثير، “بحكم فشله الذريع عمليا”، فيما تم تحجيم دور الاتحاد الإفريقي بشكل تدريجي، وفي الوقت الحالي، لا حل للأزمة الليبية إلا من خلال مجلس الأمن، و”شرط التوصل إلأى توافق سياسي داخلي بين أطراف النزاع”.

وبخصوص “الوضع الإنساني” في ليبيا، والذي كان عنوان المحور الثالث من اللقاء، فقد أوضح المتدخلون بأن جرائم الحرب والانتهاكات لمقتضيات القانون الدولي الإنساني، راجعة بالأساس إلى ظاهرة الإفلات من العقاب، وعدم محاسبة المتورطين في هذه الأفعال، إلى جانب عدم تأهيل الترسانة القانونية في البلاد، و”استفحال الوضع الأمني وانتشار السلاح غير المرخص له”، الأمر الذي نجم عنه “ضعف المنظومة القضائية، في ظل غياب أي ضمانات لحماية القضاة”.

واعتبر أحد المتدخلين، أن مسؤولية الوضع الإنساني في ليبيا، مشتركة بين الجميع؛ أفرادا وهيئات، “بدءا من السلطة الانتقالية ومرورا بمجلس النواب والقوات العسكرية، ووصلا إلى المجموعات المسلحة”، هذا على المستوى الداخلي، أما من الناحية الخارجية، فتتحمل “بعض الدول الإقليمية شقّا كبيرا من المسؤولية باعتبار أنها تدعم المتورطين في الانتهاكات الجسيمة”.

وحول “السيناريوهات المتوقعة للتسوية”، وهو عنوان آخر محاور اللقاء، فقد قال المتدخلون، إن التطورات الحالية التي تعرفها الساحة الليبية، أثبتت فشل اتفاق برلمين، بالرغم “من الجهود التي بذلت لإنجاحه”، فيما “حافظت مرجعية اتفاق الصخيرات على استمراريتها من الناحية العملية، ومن المرجح أن تعود من جديد، بحكم أن الأطراف المتنازعة في ليبيا تستمد شرعيتها من هذا الاتفاق”.

وأردف المتدخلون، أنه بات من الضروري تعزيز القدرات على تحريك المتابعة بعد قرار المجلس الأعلى للقضاء في ليبيا في الـ 4 من أبريل سنة 2019، “باعتباره أعلى سلطة قضائية”، الذي اعتبر بأن ما قام به حفتر بالهجوم على طرابلس، ومحاولة إسقاطها والإطاجة باتفاق الصخيرات بقوة السلاج، هو احتراب، أي اقتتال بين الإخوة، مُفضلا النأي بالنفس عن التدخل في هذا الوضع، رغم الانتهاكات التي عرفتها الحادثة، وهو “إقرار بالعجز وعدم الرغبة في تحريك المتابعات”.

وأسفر اللقاء في ختامه، عن مجموعة من التوصيات بخصوص المسألة الليبية، من ضمنها ضرورة إيجاد حل سياسي توافقي مدعوما من طرف مجلس الأمن، وبعيدا عن أي تدخلات خارجية، يضم الأطراف المتنازعة في ليبيا، إلى جانب، ضرورة اتخاذ مجلس الأمن للقرارات اللازمة من أجل إعادة الأمن، وإنهاء التواجد العسكري الأجنبي؛ المرتزقة والميليشيات وشركات الأمن الخاصة، وإنشاء محكمة دولية خاصة أو مختلطة، تسهر على متابعة الانتهاكات الجسيمة التي عرفتها ليبيا، ومحاسبة المتورطين فيها.

كما أوصى المتدخلون بضرورة تعزيز قدرات القضاء “الوطني في ليبيا، بما يضمن حماية القضاة ويعزز خبرتهم في ممارسة مهامهم، وتأهيل القانون بما يسمح بتحريك المتابعة والحج من الإفلات من العقاب، إلى جانب إنشاء آليات للتحقيق ورصد الانتهاكات وتوثيقها، إما “أن تكون تابعة للقضاء الليبي، أو للبعثة الأممية، أو امتدادا لاختصاصات المحكمة الجنائية الدولية”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي