ينص الفصل 47 من دستور 2011 على أنه: “…لرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضواً أو أكثر، من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم، الفردية أو الجماعية، ويترتب عن استقالة رئيس الحكومة إعفاء الحكومة بكاملها من لدن الملك…”، هذا الفصل جاء مخالفاً لما كان ينص عليه الفصل 24 من دستور 1996، إذ حسب هذا الأخير فإن الملك يعين الوزير الأول (رئيس الحكومة)، ويعين باقي أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير الأول (رئيس الحكومة)، وله أن يعفيهم من مهامهم، ويعفي الحكومة بمبادرة منه أو بناء على استقالتها.
وقد عرف تاريخ المغرب السياسي الحديث خمسة حكومات، والتي شملتها عدة تعديلات حكومية، انطلاقا من حكومة إدريس جطو (2002-2007)، وصولاً إلى حكومة عزيز أخنوش التي نصبها مجلس النواب الأسبوع الماضي، والتي عرفت إعفاء أول وزيرة في الحكومة بعد مرور 5 أيام على تعيين حكومة عزيز أخنوش من قبل الملك، في هذا الملف ستحاول “بناصا” أن تقف عند أهم التعديلات الحكومية التي شملت الحكومات الخمس، منها حكومتين في ظل دستور 1996 وثلاثة حكومات تحكمها مقتضيات دستور 2011.
حكومة إدريس جطو…التكنوقراطية
بتاريخ 7 نونبر 2002، تم تعيين أول حكومة في عهد الملك محمد السادس، بقيادة إدريس جطو من التكنوقراط، والتي ضمت 37 وزيراً، ينتمون إلى كل من حزب الاشتراكي للقوات الشعبية، حزب الاستقلال، التجمع الوطني للأحرار، الحركة الشعبية، حزب التقدم والاشتراكي، ووزراء غير منتمين سياسياً، وبعد مرور تقريباً سنتين وبالضبط بتاريخ 8 يونيو 2004 شمل أول تعديل حكومي لحكومة إدريس جطو، وذلك بخروج سبعة وزراء، وبدخول وزراء جدد من قبيل صلاح الدين مزوار الذي عين وزيراً للصناعة والتجارة وتأهيل الاقتصاد، ومحمد بوسعيد وزيراً مكلفاً بتحديث القطاعات العامة، ومحند العنصر وزيرا للفلاحة والتنمية القروية…
حكومة عباس الفاسي…الرقم القياسي
عرف المغرب يوم 7 شتنبر 2007، إجراء انتخابات تشريعية، والتي سجلت نسبة المشاركة فيها جد ضعيفة، وبموجب نتائجها عين الملك، عباس الفاسي عن حزب الاستقلال وزيراُ أولاً (رئيس الحكومة)، وقد حصل فيها حزب الاستقلال على 52 مقعداً متبوعاً بكل من حزب العدالة والتنمية والحركة الشعبية، والتجمع الوطني للأحرار، فالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
وبعد مد وجزر في إخراج الحكومة الجديدة إلى الوجود، بسبب تنعت بعض الأحزاب ومطالبة أخرى بقطاعات وزارية هامة خاصة من طرف حزب الحركة الشعبية، وبعد عراك سياسي طاحن، خرجت الحكومة الاستقلالية من عنق الزجاجة يوم الاثنين 17 أكتوبر 2007، وضمت بعض الوجوه الفنية والرياضية، كالمرحومة ثريا جبران التي تم تعيينها وزيرة للثقافة.
وقد ضمت هذه الحكومة، والتي تعتبر آخر حكومة في عقد دستور 1996، 34 وزيراً، ينتمون إلى كل من حزب الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، التقدم والاشتراكية، التجمع الوطني للأحرار، وآخرون بدون انتماء سياسي، وقد عرفت حكومة عباس الفاسي عدة تعديلات حكومية، إذ بتاريخ 22 دجنبر 2008 تم إعفاء أحمد لخريف الذي كان يتقلد منصب كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية، كما تم بتاريخ 29 يوليوز 2009، تعديل حكومة الفاسي للمرة الثانية وذلك بعدما فقدت أغلبيتها الحكومية وأعلن حزب الأصالة والمعاصرة عن إلتحاقه بالمعارضة البرلمانية، وقد عرف هذا التعديل الحكومي التحاق حزب الحركة الشعبية بالأغلبية الحكومية بعدما فقدتها، وقد تم تعيين كل من محند العنصر وزيراً للدولة مكان محمد اليازغي، منصف بلخياط وزيراً للشبيبة والرياضة مكان نوال المتوكل، بنسالم حميش وزيراً للثقافة، أوزين محمد كاتب الدولة في الشؤون الخارجية والتعاون مكان لطيفة أخربيش.
وفي 4 يناير 2010، تم تعيين طيب الشرقاوي وزيراً للداخلية مكان شكيب بنموسى، محمد الناصري وزيراً للعدل مكان عبد الواحد الراضي، ياسر الزناكي وزيراً للسياحة والصناعة التقليدية مكان محمد بوسعيد، إدريس لشكر وزيراً مكلفاً بالعلاقات مع البرلمان مكان محمد سعد العلمي، مع تعيين هذا الأخير وزيرا منتدب لدى الوزير الأول مكلف بتحديث القطاعات العامة.
حكومة عبد الإله بنكيران…الإسلاميون في السلطة
عرف المغرب يوم 25 نونبر 2011 إجراء انتخابات مبكرة، والتي كانت مبرمجة في سنة 2012، وذلك بسبب الأحداث التي كان يعرفها العالم العربي، كما شهدت 2011 صدور سادس دستور في الحياة الدستورية المغربية، وأول دستور في عهد الملك محمد السادس، هذا الدستور جاء جد متقدم وحمل عدة مستجدات خاصة فيما يخص الحكومة والبرلمان، بحيث أصبح يعين رئيس الحكومة من الحزب الذي تصدر نتائج إنتخابات مجلس النواب، وعلى أساس نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت يوم 25 نونبر 2011 في ظل الدستور الجديد تم تعيين عبد الإله ابنكيران رئيساً للحكومة وذلك بعد حصول حزب العدالة والتنمية على 107 مقعد بمجلس النواب في ظل إنتخابات شارك فيها 30 حزباً يتنافسون على 395 مقعداً بالغرفة الأولى.
وقد ضمت هذه الحكومة أغلبية تتكون من حزب العدالة والتنمية، حزب الحركة الشعبية، التقدم والاشتراكية، الاستقلال، هذا الأخير التي حصل على المرتبة الثانية ب 60 مقعداً أعلن عن انسحابه من الأغلبية الحكومية سنة 2013 والتحاقه بالمعارضة، فما كان على رئيس الحكومة إلى أن يقوم بإدخال حزب التجمع الوطني للأحرار إلى أغلبيته والذي كان يحتل المرتبة الثالثة ب 52 مقعداًن وذلك لأجل إنقاذ حكومته من الإنهيار خاصة أنها أول تجربة للإسلاميين في السلطة، وبخروج حزب الاستقلال من الحكومة حصل حزب التجمع الوطني للأحرار على 8 حقائب وزارية مقابل 11 لحزب العدالة والتنمية و 6 للتقدم والاشتراكية و 5 حقائب للحركة الشعبية.
كما عرفت حكومة بنكيران سنة 2015 إعفاء كل من الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الحبيب الشوباني، وسمية بنخلدون الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، إضافة إلى ذلك تم إعفاء عبد العظيم الكروج الوزير المنتدب لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، ومحمد أوزين عن الحركة الشعبية والذي تقلد حقيبة الشباب والرياضة، وذلك بسبب ما عرف ب “فضيحة ملعب الرباط”.
حكومة العثماني…التي أنقذت الإسلاميين قبل هزيمة 2021
أتى تعيين سعد الدين العثماني رئيساً للحكومة من طرف الملك، وذلك بعدما فشل عبد الإله بنكيران في تشكيل الحكومة على أساس نتائج الانتخابات التشريعية ل 2016، والتي احتل فيها حزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى، وقد ضمت حكومة سعد الدين العثماني، إضافة إلى حزب العدالة والتنمية كل من حزب التجمع الوطني للأحرار، التقدم والاشتراكية، الحركة الشعبية، الاتحاد الدستوري، وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتي ضمت 39 وزيرا.
وعلى غرار باقي الحكومات السابقة، عرفت هذه الحكومة بدورها عدة إعفاءات، فقد تقرر يوم 24 أكتوبر 2017، وتطبيقاً لأحكام الفصل 47 من الدستور، إعفاء كل من محمد حصاد، و محمد نبيل بنعبد الله، وفي عام 2018 تم إعفاء محمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية.
وفي 2019 عرفت حكومة سعد الدين العثماني تعديلاً شاملاً، حيث تم تقليص عدد الوزراء من 39 إلى 24 وزيراً، خاصة بعد خروج حزب التقدم والاشتراكية من الأغلبية الحكومية وإلتحاقه بصفوف المعارضة البرلمانية.
وفي يوم 7 أبريل 2020، تم إعفاء الوزير حسن عبيابة من مهامه على رأس وزارة الثقافة والشباب والرياضة، وكناطق رسمي بإسم الحكومة، وتم تعيين كل من سعيد أمزازي وزيراً للتربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي في منصب الناطق الرسمي باسم الحكومة، في حين تم تعيين عثمان الفردوس وزيراً للثقافة والشباب والرياضة.
حكومة عزيز أخنوش… و 7 أيام
تعتبر حكومة عزيز أخنوش أسرع حكومة سواء من المدة الفاصلة بين التعيين الملكي والتصويت على البرنامج الحكومي من طرف مجلس النواب والتي تتمثل في 5 أيام، أو من حيث تعديل الحكومة، وذلك بعد إعفاء وزيرة الصحة والحماية الإجتماعية نبيلة الرميلي عن حزب التجمع الوطني للأحرار بطلب منها، وتم تعيين مكانها خالد آيت الطالب الوزير السابق في نفس القطاع بحكومة سعد الدين العثماني.
تعليقات الزوار ( 0 )