أكد محمد هنيد، الأكاديمي التونسي والأستاذ الجامعي بجامعة السوربون، أن المغرب لا يعتدي على جيرانه، لأن هذا السلوك غير موجود في الثقافة السياسية للمملكة تاريخيا، وذلك في تعقيبه على تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي اتهم فيها المغرب، بارتكاب أعمال عدائية مستمرة ومتواصلة على جارته الشرقية.
وقال هنيد، مستشار الرئيس التونسي الأسبق، المنصف المرزوقي، في تصريح لجريدة “بناصا”، بخصوص التصعيد الجزائري ضد المغرب، إنه “من الطبيعي جداً عندما تكون البلاد في أزمة داخلية أن يحاول الرئيس تصدير الأزمة إلى الخارج، إما باختلاق الأزمات مع دول الجوار، المباشرة وغيرها، مثل ما يفعل مع فرنسا بتحريك النعرة الوطنية، والجميع يعرف العلاقة بين النظام الحاكم في الجزائر وفرنسا”.
وأضاف المستشار الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي، أن النظام الجزائري “يحاول التهجم على المغرب، ومحاولة التصعيد وجرّ حتى الشعب الجزائري، على الرغم من أن الأخير على وعي بخبث ودهاء العصابة الحاكمة، ثم من ناحية أخرى لأن المغرب دولة قوية في شمال إفريقيا، وتستطيع الرد على الاختراقات والتهجمات الجزائرية، وهو أمر لا نجده في تونس، لأنها ضعيفة ولا تستطيع ذلك”.
وتابع الأكاديمي التونسي، أن النظام الجزائر، يوجه سهامه نحو المغرب، باعتبار الأخير، الوحيد الذي لا ينحني “لمحاولات التمدّد أو النزوات الجزائرية، وهذا طبيعي جداً، وهو كما قلت في البداية، يعكس محاولة لتصدير الأزمة، وللفت انتباه الشعب الجزائري إلى الخارج، بدل الاهتمام بالداخل، وخوفاً من تجدد الحراك في الجزائر”.
أما فيما يخص تهديد الجزائر المستمر للوحدة الترابية للمغرب، فيقول هنيد إنه “تاريخيا، أعتقد أنه دور يتجاوز النظام الجزائري، لأن الأخير موكل استعماريا لمنع وحدة شمال إفريقيا والمغرب العربي، رغم أنه لا تنقصه المساحة من حيث الامتداد، وهي أر ض مغربية تاريخيا وتعود للمغرب، ومحاولة التصعيد عبر ذلك، لوضع شوكة في خاسرة المغرب، يهدد بها المغرب، ويحاول أن يبتزه”.
ونبه هنيد إلى أن التهديد الذي يشكل “قصر المرادية”، ليس للمغرب فقط، بل هو “كما نعلم تهديد لكامل وحدة شمال إفريقيا، والنظام الجزائري منذ بدايته، الجميع يعرف أن سبب أغلب الكوارث التي تقع في شمال إفريقيا، حتى في تونس، التي لا تملك الجرأة للحديث عن الكثير من الملفات، لكنه في المغرب لا يستطيع ذلك”.
وأشار إلى أنه، لا يمكن أن نقول إن النظام الجزائري يعادي شعوب الدول الأخرى، لأنه “يعادي حتى الشعب الجزائري، وهو يحاول أن يجعل من هذه القضايا قضايا وطنية، فقط عطفا على مسألة صناعة عدو خارجي يجمع حوله بقايا من ما يزال يعتقد في صدقية هذا النظام”، معتبراً أن ادعاءات أن المغرب يعتدي على جيرانه، باطلة وغير صحيحة.
واستطرد مستشار الرئيس التونسي الأسبق، أن القول إن المغرب يعتدي، “غير صحيح، وحتى الجزائريين يعرفون ذلك، لا يمكن اعتبار المغرب دولة عدوانية، وليس في تاريخ النظام المغربي رغم كل النقد الذي يمكن أن نوجهه للنظام في المغرب في قضايا معينة، لكن بالنسبة لعدوانه خارجيا، فالمغرب لا يعتدي خارجيا على جيرانه، ليست في الثقافة السياسية المغربية”.
وأوضح إلى أن “النظام الملكي في المغرب، بحكم أنه نظام ملكي وراثي، والنظام الملكي بطبعه، نظام لا يورِّث الوريثَ المشاكل، بخلاف النظام الجمهوري أو العسكري، لأن الملك دائما يكون حريصا، مهما كان محمد الخامس، أو الحسن الثاني أو محمد السادس، على أن لا يورّث وريثه الذي سيأتي بعده مشاكل خارجية”.
وأبرز هنيد أن المغرب، “ليس له مشاكل مع الدول الإفريقية الأخرى، ليس له مشاكل مع إسبانيا، وليس له مشاكل مع تونس، والعلاقة بين تونس والمغرب قوية، أقوى حتى من علاقاتها مع الجزائر، ونتذكر تصريحات الحسن الثاني رحمه الله، عن تونس وأهمية تونس للمغرب، واستعداد المغرب للتدخل، كما رأينا الملك محمد السادس، يتجول بثياب عادية في أسواق تونس”.
ونبه إلى أن تجول الملك في تونس، جاء “حين كما في قلب العمليات الإرهابية التي نعرف من أين جاءت، ومن أي حدود جاءت، وذلك من أجل دعم السياحة في البلد”، مؤكداً أن “موقف المغرب أفضل من هذه الناحية”، قبل أن يردف: “القول إن المغرب هو الذي يعتدي على الجزائر، لا يصدقه حتى الشعب نفسه، لكن هم يفتعلون هذه القضية، لأن النظام موكل بمهمة معينة في شمال إفريقيا، وهي منع وحدة شعوب المغرب العربي، لخطط استعمارية كبيرة تتجاوزهم حتى هم (النظام الجزائري)”.
تعليقات الزوار ( 0 )