Share
  • Link copied

أحمد ويحمان وأحمد عصيد في نقاش عن الخلافة بين “بلاد تامزغا” ومحور “طنجة ـ جاكرتا” حسب توقيت القدس!

هل تعرفون الأحمدين في المغرب الأقصى؟

أكيد لا، لأن الأحمدين لا يعدون ولا يحصون بالمغرب.

أعيد السؤال:

هل تعرفون أحمد ويحمان؟

وهل تعرفون أحمد عصيد؟

لاشك أنكم تعرفونهما، هما رجلان ينحدران من المغرب الأقصى، أحدهما من سوس العالمة  والآخر من الجنوب الشرقي، اشتهر. الاثنان معا بالحرف واللفظ منذ عقود من الزمن، كلاهما خطبا وكتبا ودونا منذ عصر الطباعة الورقية إلى زمن التدوين على الفيسبوك والخطابة على اليوتوب، كلاهما احترفا الحنين والطنين.

حدثني أبو الفضل، عفا الله عن المحدثين، أن الرجلين جلسا حول طاولة مستديرة، ولا يعلم ويحمان هل صُنعت في مدينة واد زم أم في مدينة أم الفحم، اما عصيد لم يتبين بعدُ هل الموضوع يتعلق بـ”الهوية” أم الحرية” أم بـ”خرافة الأمة وتخمة الدولة”؟

أحمد ويحمان يرتدي سلهاما بنيا، ويطوق عنقه بالكوفية الفلسطينية، ويحمل في يده مسبحة من العقيق الإيراني، ويحدق في الشاي بعينيه الجاحظتين خشية ان يدس له مطبع أو مطبعة ماركة شاي صهيوني من إحدى متاجر كارفور القريبة، لأن رئيس مرصد مقاومة التطبيع، المتخصص في تقريع المطبعين، ولعن الجرائد المطبعة، ومطاردة تمور “الموساد” في أسواق أرفود، حذِر حساس، فالخطأ عنده خطيئة لا تغتفر.

أما أحمد عصيد فكان يعتمر قبعة فكرية أمازيغية صفراء فاقع لونها تثير الناظرين، استغنى عن شرب الشاي، وفضل أن بشرب قهوة سوداء بلا سكر، كأني به يشرب الحقيقة مرة كما يفعل المثقفون الغرباء، كيف لا وهو الفقيه في حقوق الإنسان، والناقد للتراث والمجتمع والدولة، وكل شيء لا يعجبه، وماكينته النقدية تستهدف كل ما يتحرك فوق هذه البسيطة.

 أحمد ويحمان، رجل يحب القدس كما تحب الام ابنها المُشّوهَ، ويعتبر التطبيع موبقة أشد من شرب الخمر والزنا، لأنه يساري على سنة الله، كما يصف نفسه، ولكنه لا يتردد في  تكفير التمر إذا لم يكن ماركة مسجلة فلسطينية تم إنتاجها في مخيمي جباليا والشجاعية.

 وبالرغم من أنه أمازيغي قح، إلا أنه لا يعرف السوسية، ولا يفهم الريفية، ولا يقشع شيئا في الزايانية.

وأما عصيد، وهو صاحب الدعوة العريضة، والفكرة المخنوقة تحت حذاء الحداثة، لا يتردد في مطالبة الدولة أن تعتق رقبتها من الشريعة والإسلام السياسي قبل فوات الأوان، ولا يزال الرجل يدون الخطبَ في الدفاع عن العلمانية الأمازيغية كما يصطلح عليها، وهي العلمانية التي لا تغتسل من الأصولية الوهابية إلا بالماء سبع مرات مخافة من الاضطهاد الثقافي.

عصيد يدافع عن الأمازيغية بشراسة وأيضا بشراهة، حتى لقب بالفيلسوف الأمازيغي، ولكنه لا يميز في الأمازيغية بين “ثامورث” و”أريافن”، ولو كتب له الإله أن يخطب في آيت ورياغل، لاحتاج إلى ترجمان من المغرب.

وهكذا أصبحت اللغة الأمازيغية في المغرب، مع أحمد ويحمان وأحمد عصيد، مثل حزب الأصالة والمعاصرة بعد انسحاب إلياس العماري: كل فرع يتحدث باسمه، وكل جهة تدعي حقها الشرعي في التراكتور.

بداية النقاش العمومي على الطاولة المستديرة بين ويحمان وعصيد

عصيد بعدما أخذ جرعة من ماء الحداثة المعدني:

ــ إن الإسلام الوهابي والسياسي كلاهما خطر ماحق على تامزغا الكبرى، إننا اليوم، أقول واسطر على أن اليوم، قبل امس وقبل غد، في أمس الحاجة إلى الخلافة الأمازيغية العلمانية، والتي لا تومن بالغيب، لا تعتقد بالجنة ولا بالنار، بل تؤمن بالتحاكم إلى العقل، وتؤمن أيضا بالكرامة الفردية، وحسب!

أحمد ويحمان ينتفض من مكانه، ويصرخ كما يصرخ خطيب الجمعة في المسجد النبوي:

ــ أتريد خلافة بلا أمة؟ أم تُقيم تامزغا مكان فلسطين؟ يا رجل! لقد شربت كثيرا من حليب فرنسا الاستعمارية الصهيونية.

عصيد يعدل نظارتيه، ويقول ساخرا:

ــ إيييه الأمة يا صديقي؟ ما معنى الأمة؟ أية أمة؟ الأمة من طنجة إلى جاكرتا؟ تلك أساطير الأولين إذ هي تتلى من الكتب الصفراء من قبل فقهاء السلاطين الأقدمين ومؤرخي العصور الوسطى، للأسف لايزال يتسلى بها المستلبون وغسلون بها العقول والأدمغة الفارغة!

قال ويحمان، ملوحا بمسبحته اللبنانية:

ــ أناشدك ألّا تقول هذا الكلام المغلوط، المغالِط، وهذه المغالطات المغلوطة، أمام الصهاينة فيصفقون لك، وأما إن قلته أمام أحرار فلسطين، فسيبصقون عليك!

رد عصيد، وهو يُخرج قلم الرصاص وينقر به على الطاولة:

ــ والله يا أخي، أنتم لا تزالون تعيشون في زمن الخلفاء والتابعين وأتباع التابعين، وستبقون تابعين، في الوقت الذي لا يزال فيه الوطن يعيش زمن الفرص الضائعة، والكفاءات الضائعة. مصيبتكم ومعضلتكم أنكم تختزلون الهوية في اللحية والسبابة والسبايا وبول البعير، أما نحن فنراها في الكلمة، والحرف، والفكر، والاعتراف، والحق في الاختلاف.

انتفض ويحمان كالأسد، وقال:

ــ كلام مكرور مجرور! خلّونا نختصر الكلام الذي لا تودون سماعه: أنتم تمهِدون للتطبيع الثقافي، تحاربون الإسلام باسم الأمازيغية! الحقيقة المُرّة التي تُخفونها هي أن فلسطين قضية مقدسة، أما أنتم فتريدون أن تحوّلوها إلى قضية نسبية! الناس يموتون بالآلاف، ولم نرَ منكم موقفا صريحًا، واضحا، فاضحا، كما هي مهمة المثقف الحقيقي المسؤول!

يرد عصيد، متمتما بنزق الفلاسفة:

ــ الحقيقة المقدسة هي العقل، ونحن نحمي المغرب من تقديس كل شيء، من تقديس الحجر، والشجر، والبلوط، والزعتر، إلى تقديس الزعيم السياسي القديس!

قال ويحمان، وهو يشير إلى كرسي عصيد:

ــ هذا الكرسي الذ تجلس عليه من كارفور، ورفاقنا يُتابَعون في محكمة سلا من قِبل الشركة الفرنسية الداعمة لقطيع جيش الإبادة في فلسطين، بدعم ورعاية من فرنسا الماسونية!

يرد عصيد، ساخرا:

ــ وهل تتحدث الكراسي بالعبرية، يا سي ويحمان؟ أم أنك أصبحت ترى الأيديولوجية الصهيونية في فناجين القهوة وأباريق الشاي؟

هنا والآن، صمت المكان، وشعر الفضاء بالحرج، وانصرف الأحمدان، ويحمان وعصيد، إلى فيسبوك، وكتب كل واحد منهما منشورا عن خيانة الوطن، والدين، والتاريخ، واللغة.

هنا والآن، اتصلت هاتفيا بالدكتور أحمد التوفيق، وسألته عن تعليقه على هذا النقاش بين الأحمدين.

فقال أحمد التوفيق:

نحن أهل الاعتدال والتفكر والتأمل، لا يسعنا إلا أن نرفع أكف الضراعة، متوسّلين خاشعين إلى الله سبحانه وتعالى أن يجمع بين الأمازيغية والقرآن، بين ثقافة تامزغا وخلافة الإنسان، وأن يجمع بين الأحمدين في عقل ثالث، لا يسب الدين، ولا يُقدس القومية.

هل ترى أن جمع الأحمدين في عقل ثالث تقصد به سيادتكم ؟ موجها سؤالي إلى الدكتور أحمد التوفيق.

يجيب السيد أحمد التوفيق:

بناء على القياس كما هو مقرر عند فقهاء المالكية المتأخرين، والحلول والاتحاد كما هو مثبت عند رجال التشوف إلى التصوف، وكما تكلمت عن ذلك في روايتي “جارات أبي موسى” وروايتي الأخرى “جيران أبي العباس”، أرى أنه من الضروري أن يتوحد الأحمدان، أن يحل أحدهما في الآخر، كما فكرت وتدبرت وقررت في مسألة توحيد خطبة الجمعة.

ملحوظة

أحمد ويحمان وأحمد عصيد وأحمد التوفيق شخوص من نسج الخيال ولا علاقة لها بالواقع.

أنا داخل سوق راسي

Share
  • Link copied
المقال التالي