أثار رجل الأعمال عبد المالك أبرون، مالك “Groupe Abroun-Nord Vision”، المتخصصة في الأجهزة المنزلية، جدلاً واسعا، بعدما ظهر في مقطع فيديو، يُستقبل على طريقة الملك، عقب عودته من مهمة رئاسة بعثة المنتخب الوطني المشاركة في مونديال قطر.
استبعد من استقبال الملك فنظم استقباله بنفسه على طريقة الملك
أبرون، عضو الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، كان قد ترأس بعثة المنتخب المشاركة في مونديال قطر، غير أنه استُبعد من الاستقبال الذي خصه الملك محمد السادس، للاعبين وأمهاتهم والمدرب ورئيس الجامعة، الأمر الذي فسّره البعض بوجود غضب ملكي على المعني، خصوصاً بعد أزمة التذاكر التي من المنتظر أن تعصف بعدد من الرؤوس لاحقاً.
وفي الوقت الذي انتظر فيه نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، نفي أبررون تقليد الطقوس السلطانية أو على الأقل توضيح ما حدث، خرج أحد الأشخاص، قيل إنه مقرب من المعني، ليقول إن استحضار طقوس بيعة الملك، لـ”الاحتفال بشخص ما”، هو نوع من “التبرك، والمقصود مبايعة الملك وليس الشخص المحتفى به”.
تبرير غريب.. عذر أقبح من زلة
الرد الأخير، اعتبره الدكتور محمد أمين مشبال، عذرا أقبح من زلة، حيث كتب على حسابه بـ”فيسبوك”، إن مقطع الفيديو، الذي انتشر كـ”النار في الهشيم”، حول الطقوس التي ميزت استقبال عبد المالك أبرون، رجل الأعمال، وأحد الأطر البارزة في الجامعة الملكية لكرة القدم، لفت انتباهه.
وبشكل خاص، يضيف مشبال: “منظر امرأة (ربما عاملة نظافة) تنحني بخنوع محاولة تقبيل يده، مما ذكرني بقولة للإمام علي ابن أبي طالب مفادها: لو كان الفقر رجلا لقتلته”، متابعاً أن ما استفزه أكثر، هو “محاولة أحد مستخدمي شركة أبرون أو منظمي الحفل المذكور (غير مهم)”، تبرير الأمر.
وتابع مشبال، وهو معتقل سياسي سابق، أن الشخص المعني، قال إنه “لمّا يتم استحضار طقوس البيعة للملك قصد الاحتفال بشخص ما، فإن الأمر يتعلق بنوع من التبرك وبأن المقصود بالمبايعة سيدنا وليس الشخص المحتفى به!”.
وأردف: “كيفما كان الأمر، فإن الطقوس المخزنية المصاحبة للاستقبالات الملكية أو حفل البيعة من انحناء وتقبيل اليد، تستمد جذورها من عمق تاريخ المغرب، حيث يعتبر السلطان ليس مجرد حاكم بل أميرا للمؤمنين وأبا للرعية، وهذا لم يمنع شريحة من النخبة الليبرالية أو اليسارية من أن تنادي بتخفيفها أو الاستغناء عنها باعتبارها مظاهر عتيقة لا تتلاءم وروح العصر”.
واسترسل: “من هنا أتساءل ماذا يعني قيام بعض أصحاب النفوذ أو الوجاهة الاجتماعية (أو يتوهمون ذلك)، باستنساخ تلك الطقوس التي هي مرتبطة بسياق سياسي ومؤسساتي معينين، والسعي لتقليدها في أفراحهم واحتفالاتهم، وما هي الرسالة التي يرغبون في ايصالها للحاضرين ولعموم المواطنين؟”.
ليس هناك تقليد.. وتقبيل اليد كان استثناءً
مقابل الغضب من تقليد الطقوس السلطانية، من قبل أبرون، قلّل نشطاء آخرون على مواقع التواصل الاجتماعي من الموضوع، معتبرين أن ما حدث مع رئيس نادي المغرب التطوان الأسبق، كان استثناءً خلال الاستقبال، بحيث رحب الجميع بالمعني بشكل عادي، عبر التحية باليد، أو بالوجه، فيما جاء تقبيل اليد، من قبل سيدتين، هن في الغالب عاملات نظافة.
وقالت بثينة الشعرة، في تعليقها على تدوينة أمين مشبال، إن “عاملاتنا غالبا في ميدان النظافة، يقبلن فقط الأيادي التي تطعمهن”، مضيفةً: “هن لا تتوفرن على عقد ولا تأمين ولا نقابة، ولا أي شرط من شروط التشغيل ولو صورية لتستغيث بها عند الحاجة”، مستسلةً: “للأسف الشديد، في الشدة قد تقبل قدميه ليتكفل بها”.
شخص آخر يدعى نزار، سار على النهج ذاته، واعتبر أن “العاملات مغلوب على أمرهن، بدون عقود عمل و بدون تغطية و بدون تقاعد الله يكن في العون، ولكن هذا الإستقبال بطقوس مخزنية ليس له معنى، أخي أمين هذه الطقوس ألاحظها بصفة عامة في بعض حفلات الزفاف خصوصا في الداخل، حيث أن النكافات هم اللواتي يدفعون في هذا الإتجاه ….و الله أعلم.
الواقعة ليست الأولى.. ما هي رسالة “الوجهاء” من تقليد الطقوس السلطانية؟
يرى متابعون، أن واقعة أبررن، ليست الأولى من نوعها، حيث سبق للعديد من الأشخاص، والسياسيين البارزين، أن قلّدوا الطقوس السلطانية، ومنهم السياسي رشيد الفايق، البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي ظهر في فيديو مسرّب من فاس، قبل سنتين، وهو يقلّد طقوس البيعة.
وفي هذا السياق، قال الإعلامي نور الدين لشهب، إن الدلالة من وراء تقليد طقوس البيعة للملك، هي أن “إذا كان الملك في الرباط فصاحب الشركة وعضو جامعة كرة القدم هو ايضا ملك في تطوان”، متابعاً: “قبل سنتين تسرب فيديو لرشيد الفايق في فاس، وهو برلماني عن حزب أخنوش، يقلد فيه شخص الملك من خلال طقوس البيعة”.
وذكّر لشهب، بأن الفايق كان “يحكم فاس”، قبل أن “يسقط قضائيا بتهم ثقيلة تتعلق بجرائم خطيرة ضد البيئة والاقتصاد والبشر، ضد الوطن!! “، مضيفاً: “وأكيد أن هناك الكثير ممن يقلدون طقوس البيعة، ولكن ربما لم تتسرب فيديوهات الاحتفاء ببيعتهم من طرف الرعية في مناطقهم”.
ونبه إلى أن “هؤلاء الناس ومن خلال هذه التصرفات يرهبون الناس في مناطقهم وكأنهم أصبحوا يحكمون اجزاء من المغرب خارج القانون والدستور والأعراف السياسية المرعية بالمغرب”، مشدداً على أن الأخطر من ذلك، أن هؤلاء، “ومن خلال هذه التصرفات، يرجعون بالمغرب القهقرى إلى نهاية القرن التاسع عشر، عندما أصبح المخزن المركزي ضعيفا”.
واعتبر لشهب، أن هؤلاء الأشخاص، “يرجعون بنا إلى عصر السيبة وتمرد القبائل عن الحكم المركزي وظهور زعامات من القواد والبشاوات وزعماء من الصوفية أيضاً، وهو ما ترتب عنه دخول المغرب إلى زمن الحماية/ الاستعمار”، محذّرا بشدة من هذه السلوكات الخطيرة التي يرتكبها بعض “رموز الإفساد والفساد في مناطق المغرب”.
هل هي حملة إشهارية لصالح شركة أبرون؟
وبعيداً عن الشد والجذب الذي أثاره مقطع الفيديو الخاص بأبرون، يرى آخرون، أن رجل الأعمال التطواني، حطّط لتسريب المقطع، بغية إثارة الجدل من أجل إشهار اسم شركته التي تعرضت لخسائر كبيرة في السنتين الماضيتين، بسبب الأزمة الصحية المتعلقة بفيروس كورونا المستجد.
وما يعزّز هذه الفرضية، هو ما نشره موقع “مغرب إنتلجنس” الاستخباراتي الفرنسي، الذي قال في تقرير نشره، في الـ 22 من شهر دجنبر الجاري، إن مجموعة “Groupe Abroun-Nord Vision”، التي تنتمي إلى عائلة عبد المالك أبرون، تلقت ضربة قاسية.
المصدر ذاته، أضاف أن المجموعة المتخصصة في الأجهزة المنزلية، أبلغت المحكمة التجارية بالرباط، في الـ 27 من شهر نوفمبر الماضي، أنها قررت خفض رأس مالها بنسبة 25 في المائة، ليتراجع من 80 إلى 60 مليون درهم، من أجل القضاء على الخسائر المسجلة حتى تاريخ 31 دجنبر 2021.
كما ذكّر الموقع الفرنسي، أن انتكاسات مجموعة أبرن، الذي قام ببناء إمبراطورية صغيرة حقيقية، وتحول لرئيس نادٍ كروي، قبل أن يدخل المكتب المديري للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ويترأس بعثة المنتخب المغربي لمونديال قطر، ليست جديدة، حيث سبق له الدخول في خلافات مع التجاري وفا بنك.
تعليقات الزوار ( 0 )