شارك المقال
  • تم النسخ

آيت واعلي..هل ينجح في قيادة الدبلوماسية المغربية في الجزائر بالمنعرجات الصعبة؟

في خطوة وصفها الكثير من المتابعين بالمفاجئة والجريئة، في نفس الآن، تم تعيين محمد آيت وعلي سفيرا جديدا للمغرب في الجزائر، هي جريئة لأن التعيين الجديد لسفير مغربي راكم تجربة دبلوماسية عربية غنية، ينهض دليلا واضحا على سياسة اليد الممدودة التي ينهجها المغرب مع الشقيقة الجزائر.

وهي خطوة مفاجئة، أيضا، لأن الدبلوماسي المحنك آيت واعلي له تجربة غنية، بحيث اشتغل في وزارة الخارجية كما مثل المغرب على مستوى الجبهة الدبلوماسية في عدة دول عربية، وظل يتمتع بسمعة طيبة، ويحظى باحترام وتقدير من قبل من عرفه دبلوماسيا.

 ومن تعرف عن آيت واعلي عن قرب، أو أن آيت واعلي هو من تعرف عليه، يلحظ في شخص الرجل إنسانا لطيفا ومرحا، وصاحب نكتة تنتزع منك الضحك، إلى درجة أن تواضعه المعهود يجعله يحكي نكتة عن نفسه أحيانا، غالبا ما يكون ضحية لا بطلا، وهذا ليس ضعفا في شخصية الرجل، لا أبدا، بقدر ما هي دلالة على قدرته التواصلية الفائقة التي تجعل المتلقي يشعر بالحميمية، ويحس بأنه بمعية شخص أقرب إليه من حبل الوريد، وأنه أمام إنسان مثله، وليس أمام مسؤول دبلوماسي له وظيفة ذات طابع رسمي.

تحتوي هذه الصورة على سمة alt فارغة; اسم الملف هو واعلي.jpeg

ليست خطوة جريئة وحسب، وليست خطوة مفاجئة فقط… بل هي خطوة ذكية ذات أفق دبلوماسي وجيوـ سياسي في تعيين آيت واعلي سفيرا في الجارة الشرقية للمملكة، هي خطوة، أو قل: هي رسالة بالبريد المضمون، فحواها: سواء اختلفنا أو اتفقنا فلا بد أن نعيش معا أو نهلك معا، المغرب والجزائر ضرورة حضارية، ومطلب سياسي، لبناء وحدة مغاربية قوية تحافظ على الاستقرار الداخلي وتحفظ البلدين من المخاطر والتحديات المشتركة!!

ولذلك لم يكُ تعيين باحث أكاديمي اشتغل في التدريس الجامعي أستاذا للفلسفة والفكر الإسلامي، وكتب وألف في تخصصه، لكنه وعلى الرغم من تجربته في مجال التعليم العالي لبعض السنوات، إلا أن العمل الدبلوماسي في العالم العربي هو الذي طبع مساره المهني ما يربو عن نصف قرن من الزمن، لذلك فهو يعد ابن الجهاز الدبلوماسية المغربي، والذي استفاد من تخصصه الأكاديمي في قراءة “العقل السياسي العربي” وتفكيك تمثلات “الشخصية العربية” وأفقها المُلغز بسبب المنعرجات الحضارية الراهنة.

غير أن السؤال الذي يُطرح، هل ينجح محمد آيت واعلي في قيادة الدبلوماسية المغربية بالجارة الجزائر المليئة بالمطبات والمنعرجات والحفر؟ هل يتفوق آيت واعلي بالنظر إلى تكوينه الأكاديمي، وخبرته الدبلوماسية، وشخصيته المرحة، وقدرته التواصلية الهائلة، ومعرفته بالشخصية الجزائرية والتي هي أقرب ثقافيا وحضاريا وتاريخيا إلى الشخصية المغربية؟

في الجواب عن السؤال، يذهب عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الاطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، إلى أن محمد ايت وعلي يُعد أحد اقدم الدبلوماسيين المغاربة، لأنه ينتمي الى وزارة الخارجية في مراحل تمتد من بنعيسى الى الطيب الفاسي الفهري والعثماني مرورا بمزوار وصولا لبوريطة، ومن الطبيعي أن يكون قد راكم تجارب متعددة لأنه مر بشمال إفريقيا ومصر والخليج قبل تعيينه بالجزائر.

كما يعتبر أستاذ العلوم السياسية تعيين آيت واعلي سفيرا بالجزائر يأتي  في “ظرف صعب جدا لكون مؤشرات التوتر هي السائدة اليوم، حيث يتم تعيينه بعد حادث القنصل المغربي في وهران الذي يبدو ان السفير المغربي السابق حسن عبدالخالق لم يقم بإدارة الازمة بشكل جيد، حيث مارست فيه الخارجية الجزائرية ممارسات لا علاقة لها بالأعراف والقواعد الدبلوماسية لما اطلقت تهما على قنصل مغربي صرح بحقيقة حالة العلاقات المغربية الجزائرية لما وصفها بالعداء”.

كما أن التعيين “ليس عاديا بحكم طبيعة العلاقات بين البلدين، فهو يتوجه الى دولة الجزائر  جعل حكامها من العداء للمغرب جزءا من لعبتهم السياسية التي يحكمون بها الجزائريين، أضف الى ذلك أنه يتولى مهامه في دولة عسكرية تعيش صراع الانتقال إلى دولة مدنية ،دولة مقبلة على صراع حول الدستور سيعطي للجيش الجزائري إمكانية لعب أدوار إقليمية خارج التراب الجزائري، دولة تنافس المغرب في كل الملفات والقضايا وفي علاقاته المحيط المتوسطي والإفريقي والعربي” يضيف اسليمي.

هذا بالإضافة إلى أن تعيين آيت واعلي سفيرا في الجزائر، هي “الدولة التي  تعد طرفا مباشرا للمغرب في نزاع الصحراء، بل إن تعيين السفير الجديد يأتي في مرحلة زادت فيها الجزائر من حدة تحريضها في الداخل الجزائري ووسط المجتمع الدولي ضد السيادة الترابية للمغرب”.

غير أن اسليمي يستدرك بالقول: ” قد يلعب السفير ايت وعلي دورا إذا كانت هناك مبادرات بين البلدين لخفض سقف التوتر، أما إذا ظل الوضع في شكله الحالي فستكون مهمته صعبة كسابقيه”.

وتبقى هذه المهمة التي أوكلت للسفير محمد آيت وعلي ليست بالسهلة بالنظر إلى عدم وجود إشارات إيجابية من الجزائر توحي على التفاؤل، لكن بالنظر للخبرة الطويلة التي راكمها السفير الجديد فإنه سيكون بالتأكيد عامل ثقة لأي مبادرات لفتح صفحة جديدة في علاقات البلدين.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي